معلومات التواصل

السودان،الخرطوم،الرياض

متواجدون على مدار الساعة

 

 

 

تباينت الآراء حول المغزى والهدف من عودة مولانا الميرغني في هذا التوقيت، فبينما يرى فريق أن المقصود منها إرباك المشهد السياسي الذي بدأ يترتب لصالح التحول الديمقراطي، يقول آخرون إن الغرض من الزيارة الدعوة لوفاق شامل وحوار سوداني ـ سوداني.

وفي حين، أجمع محللون سياسيون، استطلع (استقصائي) آراءهم، على أن الزيارة ليست داعمة للتحول الديمقراطي، أكدوا أن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل أصبح جناحين متنافرين، بين إسقاط الانقلاب وشرعنته.

وبدا الانقسام في الحزب قبيل عودة زعيمه بأيام، حيث انضم جناح يترأسه السيد الحسن الميرغني، إلى الموقعين على وثيقة دستور المحامين، التي اعتمدتها كل من الحرية والتغيير والمكون العسكري والآليتين الثلاثية والرباعية أساسا للاتفاق المرتجى، بينما أعلن السيد جعفر الميرغني انضمامه إلى تحالف يضم داعمي انقلاب 25 أكتوبر من المدنيين، أطلقوا عليه اسم (الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية)، ومؤخرا أصبح السيد جعفر رئيسا له.

 

وطبقا لـ”مي فيصل” فإن هنالك جهات كثيرة لا تريد الاستقرار السياسي  للسودان الذي من خلاله يعبر إلى دولة ديمقراطية، وتابعت إن تلك الجهات ترى أنه ليس من مصلحتها وجود الأنظمة الديمقراطية وتريد نظاما قمعيا ديكتاتوريا وجهة تتحكم في مفاصل الدولة لصالحها وتحقق مصالحها.

وتابعت تلك الجهات تستخدم الميرغني لقطع الطريق على أي حل سياسي يؤدي إلى تحول مدني ديمقراطي.

وقالت الناشطة السياسية مي فيصل لـ”استقصائي” إن  عودة الميرغني لا تنفصل عن ما يحدث في المشهد السياسي المعقد  الذي يتجه نحو اتفاق سياسي بين المكون العسكري وبين قوى الثورة ينهي الانقلاب، ويستعيد المسار المدني الديمقراطي، وتابعت هذه العودة من أجل إرباك المشهد السياسي.

وأضافت، أن الحسن وجعفر يعبران عن تيارين موجودين في المشهد السياسي تيار يدعم التحول المدني الديمقراطي بقيادة الحسن وتيار  ضد التحول ويدعم استمرار معسكر الانقلاب وأعتقد أن الصراع داخل الأصل يؤكد أن هنالك تحولا داخليا يمكن أن يحقق ما يصبو إليه السودانيون وبحسب مي فإن على الفاعلين في المشهد السياسي دعم تيار التحول المدني الديمقراطي وقالت إن الميرغني  شخصيا لا يستطيع التأثير على المشهد السياسي الذي غاب عنه لمدة “12” عاما تغيرت خلالها الخارطة السياسية وتشكلت خارطة فيها فاعلون جدد.

تغول جذري

من جهته قال المحلل والصحفي، محمد عبد العزيز لـ”استقصائي” إن النقطة الأهم التي يجب أن نتذكرها جميعاً أن انقلاب 25 أكتوبر 2021 ليس انقلاباً تقليدياً وإنما تغول جذري ونهائي على الصيغة المدنية القائمة، عبر تغيير دينميكيات عملية الانتقال والتحكم في مساره.

وأضاف عودة الميرغني أتت في سياق مساعي إقليمية وداخلية لإغراق المشهد السياسي وتعقيد المشهد وتابع عبد العزيز إنما يحدث يؤكد أن قيادات الاتحادي أمام مفترق طرق إما أن تمضي مع مسار التاريخ وتدعم التحول المدني الديمقراطي أو تنحاز لقوى الانقلاب.

الدولة الحديثة

وقال الناشط المجتمعي النور أحمد عمر لـ”استقصائي”  إن عودة الميرغني وصراع الأبناء في دعم تيارين يرجعنا إلى تشكيل الدولة الحديثة في السودان والتحالف بين خريجي كلية “غردون والحربية” آنذاك  .

وأضاف أن تعقيد الساحة السياسية ناتج عن وجود تنظيمات غير حديثة “تقليدية”، بمعنى أنها ليست مصممة بالكيفية التي تجعلها في موضع الحزب السياسي كأداة لتشكيل رأي سياسي يمثل فئة اجتماعية ويخوض صراعا سياسيا مدنيا من خلالها في إطار الدولة الحديثة  .

وتساءل إذا كانت مبادرات المشايخ إلى النظارات و مجالس القبائل تمثل ردة نحو شكل أكثر تقليدية؟ فإن فهم الأمر والإجابة على السؤال يتطلبان رجوعا إلى  تشكُل الدولة السودانية الذي جاء على يد المستعمر كأداة تخدم أهدافه للسيطرة على المجتمعات المحلية عبر مختلف أشكال القمع والإخضاع، واستلاب مواردها، موضحا أن الدولة لم تكن  نتاج تطور طبيعي للمجتمعات السودانية، لا هي جاءت عن طريق حركة قومية وطنية أو برجوازية وطنية، إنما صنيعة استعمارية، وورثتها الطوائف والمؤسسات العسكرية خلال الفترة منذ الاستقلال وحتى اللحظة.

الأثر الديسمبري

وقال النور ما لا خلاف فيه أن ديسمبر قد أحدثت شرخا في النظام ككل، ويمكن القول لما هو أبعد إن دولة المستعمر تحتضر، وتساءل  فهل هذا الدخول الكثيف للقوى القبلية والطائفية وعودة رموز الطائفية وغيرها من مشاهد يمثل محاولة لإعادة بناء النظام؟ أم إنها محض فرفرة ذبيح؟ .

وقال إذا نظرنا للسياسة كـ” لعبة مصلحة و إعادة تعريف وإنتاج لشكل المصلحة ” فإن حزب الميرغني هنا جزء أساسي من التشكيلة التي تمثل النخبة/النظام مع عسكرها و قياداتها الأهلية وما تبقى من أحزابها والعلاقة هنا تتجسد في ارتباطها جميعا بشكل الدولة الاستعمارية الذي يحقق لها مصالحها (و بالتالي فإن ما يدور من صراعات بينها لا يمكن أن تؤول إلى صراعات تناحرية يقف فيها طرف نحو تغيير النظام بقدر ما أنها صراعات أساسية حول التراتبية والموقع من الحكم داخل النظام، وأضاف النور من جهة أخرى المصالح الاقتصادية المباشرة المشتركة بينها.

وقال النور في هذا السياق يمكن قراءة هذه العودة التي لم تأت طيلة الفترات السابقة بالرغم من أن البلاد شهدت أكبر التغيرات السياسية في تاريخها بأنها استدعاء لقوة الرمزية، حضور الشيخ الرمز بذاته يمثل قوة حقيقية داخل مجتمعاته التقليدية، وأضاف خصوصا وأن مساومات واسعة تحدث تحت ضغط جماهيري كبير يضعها موضع ضرورة استصحاب مصالح الجمهور حتى وإن لم يوجد من يمثله.

الشيخ الأحمر

فهل عودة الميرغني في هذا التوقيت تمثل استجابة لإنذار الخطر الذي دقته الثورة على ناقوس النظام! أم إن الخلافات التي تدور داخل أروقة التنظيم تحمل بذور ثورة من قبيل وضع “الشيخ الأحمر” في ذات الحزب في تاريخ سابق. أم صراع يشابه  صراع عبد الرحمن المهدي العجوز الأكثر حداثة تجاه الابن الصادق المهدي الشاب الأكثر تقليدية في زمانهما! أجوبة ما سبق تتطلب الكثير من النبش و كشف المغطى، وتابع لكن الأمر الجلي أن النظام يتصدع و كل القوى المستفيدة منه تتهافت الآن للحفاظ على مصالحها أو إعادة إنتاج مصالحها في شكل جديد يصمد أمام هذا الواقع المتغير كأضعف الإيمان.

استقصائي  إدريس عبدالله

 

Share:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *