معلومات التواصل

السودان،الخرطوم،الرياض

متواجدون على مدار الساعة

 

 

استقصائي

ظهرت بالتزامن مع انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي في السودان مجموعة يطلق عليها مجموعة الخبراء الاستراتيجيين، ويحلو للنشطاء والمدونين نطقها “الاسطراطيجيون” ..

عُرف هؤلاء الخبراء، بالتدليس، ولي عنق الحقيقة، وتكرار المغالطات المفضوحة، وأصبحت تعليقاتهم على الشأن السياسي في السودان محل تندر ومادة للسخرية يتبادلها النشطاء على السوشيال ميديا.

يسخرون من الثوار، ويزدرون الثورة، يمجدون العسكر، ولا يخافون في قول الزور لومة لائم، أراقوا ماء وجوههم حرصا على بقاء سادتهم العسكر.

فوبيا “الثورة”

مقابلاتهم التلفزيونية تثير “الضحك” في الغالب، والاشمئزاز أحيانا، لا يتورعون عن “السباب” يعانون فوبيا “الثورة”.. يبغضون الثوار و4 طويلة، ويحبون “البوت” حبا جما، منبع مبرراتهم واحد، يقرأون من كتاب الإنقاذ، سيرهم الذاتية تفضح مصالحهم مع النظام البائد، بينهم مؤدلجون وجلهم انتهازيون.

أحدهم قال إن الشعب يبكي دما على فراق نظام “المخلوع”، وآخر شكا الإقصاء مستخدما وصفا يطلقه الرعاة على بعض فحول الماشية.

في الآونة الأخيرة، منذ بدء إرهاصات انقلاب 25 أكتوبر، ظهر الاسطراطيجيون على قنوات الأخبار يصفقون لما عُرف باعتصام الموز، ويؤيدون إغلاق الميناء، والزج بالقبائل في معتركات السياسة، وأخذ نشاطهم يزيد عقب الانقلاب الذي يصرون على أنه تصحيح مسار للتحول الديمقراطي.

يناقضون أنفسهم يأتون بالحجة وما يدحضها في المداخلة ذاتها مما يثير “الحياء” والشفقة عليهم أحيانا.. يقولون إنهم يدعمون الديمقراطية، وفي الوقت ذاته يضيقون ذرعا بالمواكب السلمية، يشجعون تلميحا وأحيانا تصريحا قمع الثوار وكبت الحريات ويصرون على أنهم ما أرادوا إلا التحول الديمقراطي..

 ملامح “الاسطراطيجيون”

5 صفات مشتركة تؤهل ضيوف القنوات للالتحاق بتوصيف “الاسطراطيجيون” أهمها معادة قوى الحرية والتغيير، التقليل من أثر الشارع والمظاهرات واتهام الثوار بمعاداة الدين ، الدفاع المستميت عن إجراءات البرهان، تأييد ما يسمى بجماعة “الميثاق” ، مباركة الزج بالقبائل في السياسة.

لا يفوت أي مراقب أن يلحظ  التناغم في خطاب “الاسطراطيجيون” المنافح عن إجراءات البرهان و المشيطن لقوى الحرية والتغيير، ما يشير إلى أن جميعهم يقرأ من مرجع واحد، وبالبحث والتقصي لمعرفة من أي المرجعيات يستمد هؤلاء مرافعاتهم يتضح أن كثيرا من المبررات والاتهامات كان يطلقها أرباب النظام البائد على الثوار والمعارضين له، كقولهم: هؤلاء شيوعيون، لا يريدون للدين أن يسود، يحبون التفسخ والانحلال، هذه هي الحرية التي يريدونها.

تزوير الحقائق

كثيرا ما يزورون “الحقائق” وإن جهروا بها أحيانا، فإنما يريدون بها “الباطل” و يفسر الإعلامي محمد الأسباط توافق مرافعاتهم بقوله:” من تم تسميتهم بالخبراء الاستراتيجيين أو الأمنيين هم من خلفيات عسكرية، و من الطبيعي بالنظر إلى هذه الخلفية، الانحياز  للخيارات العسكرية، بما فيها الانقلاب العسكري.

وبحسب الأسباط فإن بعض هؤلاء فقد مواقع كان يشغلها إبان عهد المخلوع جعفر نميري. و بعضهم له انتماءات إسلامية؛ و بالتالي هم مع أي فعل يساهم في عرقلة و هزيمة الثورة التي أطاحت بحكمهم، و ضد التحول الديمقراطي!

وبعضهم يمني نفسه بتولي مناصب في بعض المؤسسات و الشركات العسكرية. لهذا تجدهم لا يقدرون أو ليست لديهم حساسية تجاه قتل الثوار و التنكيل بهم. و ليس لديهم حساسية تجاه حركة الشارع و الرأي العام؛ بل و إن بعضهم لا يرعوي عن الكذب؛ رغم أن أغلبهم في أرذل العمر، حيث من المعيب ذلك في هذا المقام!  و هذا لا ينسحب عليهم؛ و يبدو أنهم يعانون مشكلات ما. و هذا الأمر يحتاج إلى مختصين في علم النفس لبحث هذه الظاهرة!”.

عسكريون في جلابيب الساسة

و في ذات السياق يضع الأسباط علامة استفهام كبيرة حول هذا الظهور المكثف لهذه المجموعة من خلال القنوات العربية، و يقول:” الأمر المهم هنا، السؤال الذي يطرح نفسه على القنوات و وسائل الإعلام _ و أنا الآن متواجد بفرنسا لم أشاهد القنوات الفرنسية تستضيف عسكري سابق للحديث في شؤون سياسية. و عادة الاستضافة في هذه الحالات تتم لسياسي أو مختص في العلوم السياسية أو صحفي . و يضيف:” أيضا  السؤال الذي يطرح نفسه للقنوات والتي  تستضيف هؤلاء: ما الجدوى التي ستجنيها القناة وما المعلومة التي سيقدمها شخص ذو خلفية عسكرية في قضية سياسية!؟”.

ثمة ملاحظات حول بعض الإفادات و التعليقات خاصة قبيل الإفراج عن حمدوك منها التوافق التام على وصم قوى الحرية والتغيير باختطاف الثورة و أنها لا تمثل الشارع ، رغم عدم دقة هذا الاتهام، وهناك تناغم مع خطاب جماعة الميثاق الوطني. والتأكيد على ما تم من إجراءات هي اجراءات تصحيحية. على أنه من الواضح أن مهمة هؤلاء تدور في دائرة الدفاع و التبرير لما جرى و لم يكن خطابهم متسقا مع مسار الأحداث أو يقدم المعلومة للمشاهد؛ ففي إحدى الاستضافات و بعد أسبوعين من الانقلاب تبرع أحدهم بمعلومة أن الإعلان عن رئيس الوزراء الجديد سيتم خلال 24 ساعة، في معرض تبريره لعجز الانقلابيين في إيجاد رئيس وزراء بديل لعبدالله حمدوك بعد تصريح البرهان في مؤتمره الصحفي غداة الانقلاب عن تشكيل الحكومة بعد أسبوع؛ و هو مالم يحدث بالطبع .

 مميزات خطابهم

و معظم هؤلاء الخبراء من المعاشيين سواء من الجيش أو جهاز الأمن و لهم ارتباط ما بأكاديمية الأمن العليا . ومعظمهم مرتبط بقوائم الشخصيات التي كان يوزعها  جهاز أمن النظام السابق، على المؤسسات الإعلامية، بوصفها المعبرة عن وجهة نظر النظام آنذاك.

ثمة أسئلة تطرح نفسها في هذا المقام: ما هي الموجهات العامة لهذا الخطاب؟ و هل هو متناغم، يصدر كرجع صدى للمكون العسكري، و هل هم يأتمرون بأوامره؛ أم لهم استقلالية ما ؟

و هل خلفيتهم الأيديولوجية هي التي تقف أمام رؤيتهم المؤيدة لانقلاب البرهان و دعم هيمنة الجيش، أم إن ذلك راجع لخلفيتهم العسكرية !

يجيب عن ذلك الكاتب الصحفي فائز السليك بقوله: “من خلال المتابعة والرصد ألاحظ أن خطاب ( الخبراء الاستراتيجيين تغلب عليه الديماغوجية، مع كثير من المغالطات ومحاولة تجميل القبح ، بما في ذلك جريمة فض اعتصام القيادة العامة في يونيو ٢٠١٩، حتى إجراءات وتدابير ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ والدفاع عن الشمولية. لا شك أن هذا يعود إلى خلفية الأكثرية منهم الإسلامية والعسكرية والارتباط بنظام المخلوع عمر البشير، هذه الخلفيات تجعل الكثير منهم ينزع للتحدث بلغة مفارقة للواقع، مثل: رؤية الحراك الشعبي والمواكب الجماهيرية، بتبسيط مخل، وتقزيم دور الشباب، وتناسي ما يعرف بالكتلة الحرجة في الثورات الشعبية.

العنجهية

أيضا تلاحظ العنجهية في خطابات كثيرين منهم والعمل من أجل دعم كل خطوات المكون العسكري.  كثير من هؤلاء يتسمون بالعقل المعياري، وهو عقل غير نقدي ولا جدلي، بل يأخذ الأمور كمسلمات وبديهيات بكل بساطة، ودون الخوض في طرح تساؤلات أو أجوبة قابلة للجدل وقبول فرضيتي الخطأ والصواب، وأن المسائل ليست بالضرورة مع وضد، أو أسود وأبيض”.  و يضيف بقوله: ” مثل هذا التفكير المغلق لا ينتج خطابا مثمرا، ولا يغرس أفكارا جديدة، بل يكون في الغالب صدى لمواقف القادة الذين يدينون بالولاء لهم!”.  و بناء على ما تقدم من إفادات و بالنظر للواقع المثل بعد أن عجز الإنقلابيون في ايجاد رئيس وزراء بديل لعبدالله حمدوك، و إضطرارهم للعودة إليه ، ثم فشل حمدوك في إقناع الشارع الثوري و قوى الحرية والتغيير باتفاقه مع البرهان، هل يصمد هذا الخطاب المعياري أمام الصعود و الهبوط و التقدم و التراجع ( السياسي ) لدى المكون العسكري الذي يضطر لتقديم تنازلات ؟

إثارة “الفتنة”

و هل له أثر داعم للإنقلابيين أم سلبي ؟. ردا على ذلك يقول السليك:” هذا خطاب ديماغوجي. بمعنى أنه يبنى على مخاطبة الآخرين من خلال مخاوفهم من أجل التكسب السياسي، مثل مخاطبة التعرات العنصرية مثلا، أو المعتقدات الدينية، مثل اجترار مقولات مكرورة من شاكلة: (أحزاب اليسار )، (العلمانية) (العمالة)، (الفوضى) و(البحث عن الأمن).  و لن  يصمد هذا الخطاب التخويفي، في سياق انتشار الوعي،وثورة الاتصالات، وعصر الديجيتال. هو خطاب غوغائي، عاطفي وفارغ المضمون، بل العكس سوف يسبب خسارة للذين يستندون عليه، ويجلب السخرية والتهكم على أصحاب مثل هذه الخطابات. و لن يصمد أي خطاب يبنى على السفسطة ومحاولة تضليل وخداع الناس”.

و يقول الأسباط ردا على ذات التساؤل: ” في تقديري الشخصي ، خطاب هؤلاء بكل المقاييس جاء خصما على الانقلابيين، و كشف بوضوح الحلول البائسة للانقلابيين، و يعبر عن رؤية مشروع بائس! فلا أعتقد أن هذا الخطاب_ بمثل هذا البؤس_ يمكن أن يكون داعما لأي مشروع، مهما تكاثف حضوره كما هو ملاحظ في عدد كبير من القنوات”. و يؤكد على حديث الأسباط حالة السخرية تجاه هؤلاء، والتي سادت وسائط التواصل الاجتماعي!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *