معلومات التواصل

السودان،الخرطوم،الرياض

متواجدون على مدار الساعة

 

 

 

10 أسباب بينها الإحباط وخطاب الكراهية وراء تسجيل 80 حالة اكتئاب يوميا في الخرطوم

 

 

 

ارتفع معدل الاضطرابات النفسية في المجتمع السوداني بنسب وصفها مختصون بـ”المخيفة”.

ووفقا لإحصائية رسمية صادرة من وزارة الصحة قسم إدارة المستشفيات تحصل عليها (استقصائي) فإن عدد المترددين على العيادات النفسية يوميا يصل إلى أكثر من 80 مريضا، فيما قدّر اختصاصيون نفسيون الأعداد الحقيقية بالآلاف.

معدلات مرتفعة

وكشفت إحصائية عن ارتفاع حالات الإصابة النفسية بولاية الخرطوم إلى (58765) حالة خلال العامين الماضيين والربع الأول من هذا العام، وأشارت الإحصاءات إلى أن العام 2020 شهد 24698 حالة بينما شهد العام 2021م (29922) وفي يناير من هذا العام بلغ عدد الحالات1960 وفبراير 2185 حالة بواقع 4145 حالة خلال أول شهرين من العام الجاري.

بينما كشفت إحصائية رسمية صادرة من مستشفى التجاني الماحي للأمراض النفسية والعصبية أن متوسط الدخول للمستشفى بلغ 1500 شهريا بواقع 50 مريضا يوميا.

وكشفت الإحصائية عن أن هناك 5 مرضى جدد يوميا يقبعون  بالعنابر، وأن الأسرة ممتلئة، وأن أكثر المترددين إلى المستشفى من فئة الرجال الذين تتراوح أعمارهم من 20- 30 عاما.

وقال اختصاصيون إن السبب الرئيسي لارتفاع معدلات المرض النفسي في المجتمع هو سوء الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، حيث إن 80% من المرضى النفسيين تأثروا بالأوضاع الاقتصادية إما مباشرة أو بشكل غير مباشر.

10 مسببات

وبحسب استشاري الطب النفسي والعصبي علي بلدو فإن ارتفاع معدلات الإصابة بالاختلالات النفسية يعود إلى 10 مسببات معظمها ناجم عن سوء الأوضاع الاقتصادية، وهي تزايد الضغوط المعيشية، الخلافات الأسرية، تأخر سن الزواج، الانفصال، تزايد حالات التعاطي والإدمان، والشعور بالإحباط واليأس، ارتفاع معدل الكراهية والعنصرية، تهتك النسيج المجتمعي، زيادة العنف اللفظي، التنمر في المجتمع.

وأضاف بلدو في حديثه لـ”استقصائي” أن هناك ارتفاعا كبيرا في الحالات النفسية، وهناك تزاحم وحالات إغماء وإصابات في العيادات والمراكز الطبية النفسية في ظاهرة غير مسبوقة في السودان على حد قوله.

وقدّر بلدو حالات التردد على المراكز والعيادات النفسية بحوالي 4 آلاف حالة يومياً، مشيراً إلى أن ولاية الخرطوم تأتي في المرتبة الأولى تليها نهر النيل ثم شمال كردفان، و أن عدد النساء أكثر من عدد الرجال، والفئة العمرية الأكثر ترددا على تلك المراكز تتراوح ما بين 11 عاماً وحتى 85 عاماً.

الاكتئاب أبرز الأمراض

وأوضح أن الأمراض الأساسية التي يتم بسببها زيارة المراكز هي القلق والتوتر والاكتئاب وأمراض النفس الجسدية (كالحرقان والمصران العصبي والصداع)، لافتاً إلى أن 60 إلى 65% من المترددين يزورون عيادات أخرى في فروع  الطب المختلفة لكنها ذات طبيعة نفسية عصبية.

ولفت بلدو إلى أن هناك حالة من ارتفاع  الوعي الطبي أدت إلى هذا التدافع إلى جانب الزيادة في معدل الثقافة النفسية إضافة الى تفاقم المشكلات المجتمعية.

من جانبها، قالت اختصاصي العلاج النفسي والعصبي بمستشفى التجاني الماحي زهرة إسحاق لـ(استقصائي) إن الأسباب تختلف باختلاف الأمراض التي تنقسم إلى قسمين، ذهانية مثل الانفصام والهوس الاكتئابي الدوري والاضطرابات الوجدانية، وأسبابها متنوعة نفسية وأسرية بيئية وضغوط اقتصادية ومادية، وتعتبر من أكبر المؤثرات على زيادة الحالات النفسية.

وأضافت: والقسم الثاني، أمراض عصابية مثل القلق والاكتئاب النفسي والوسواس القهري والهستيريا والخوف بأنواعه، مشيرة الى أن أسباب الأمراض العصابية تعود إلى المشاكل منذ الطفولة، مؤكدة أن معظم المرضى يعملون في وظائف هامشية ودخلها لا يكفي لمعيشة الأسرة.

الغلاء هو السبب

وطبقا لإسحاق فإن 80% من المترددين على المستشفيات تأثروا بسوء الأوضاع الاقتصادية، لافتة إلى غلاء العلاج النفسي وقالت (أسعارنا غالية ومكلفة لعلاج الأمراض النفسية) وتابعت المرضى يتعالجون في حالة وجود متابعة للمريض بجانب وعي الأسرة بطبيعة المرض النفسي.

وحذرت من إخفاء المرض النفسي باعتباره عارا أوعيبا مشيرة إلى أن هذه مفاهيم خاطئة تجب مكافحتها، كما أن العلاج النفسي لا يمكن أن يصبح إدماناً كما يشاع.

وفي ذات السياق اتصلنا بمدير الصحة النفسية بمستشفى طه بعشر آمال عطا التي أبدت عدم تعاونها معنا   .

إلى ذلك كشفت رئيس قسم الصحة النفسية بوزارة الصحة فاطمة بشير عن عدد المستشفيات المختصة في المجال حيث قالت إن مستشفى طه بعشر مختص بالعلاج النفسي وبه عنابر وحوادث وعيادات محولة وجلسات علاجية، و مستشفى التجاني الماحي أيضاً مختص.

ولفتت إلى أن هناك 4عيادات محولة  بمستشفى إبراهيم مالك ومركز عمر بن الخطاب ومستشفى حاج المرضي والبان جديد، وفيما أكدت فاطمة أن أكثر من 80% من الحالات سببها الأوضاع الاقتصادية، قالت(بعد شوية حتلقي الناس الفي الشارع كلهم بتشاكلو مع بعض والدليل على ذلك حوادث الخطف والنهب الزادت).

وخلال جولة لـ (استقصائي) في مستشفيات الأمراض النفسية والعصبية، فوجئنا بوجود عشرات المرضى هناك على الرغم من أن كثيرا من المرضى تمنعهم وصمة “العيب” من الوصول إلى المستشفيات.

إدمان الفشل

التقينا عددا من المرضى والمرافقين الذين حكوا لنا معاناتهم حيث قال (أ م) الذي يرافق ابنه المريض البالغ من العمر (21) عاماً بمستشفى التجاني الماحي، تدهورت حالة ابني بسبب تعاطي المخدرات وبداية لم ننتبه لذلك إلا بعد فوات الأوان، وهو كان يعمل في محل لبيع الملبوسات بالسوق العربي يخرج في الصباح ولا يعود إلا بحلول الليل، وقبل أسبوع من تدهور حالته أصبح قليل الأكل ويتفادى الجلوس معنا وفي يوم أصبح يصرخ بصوت عال حتى اضطررنا لنقله إلى المستشفى.

ولكن المريض(خ ع) الذي يبلغ من العمر (22) عاماً وهو طريح الفراش بمستشفى التجاني الماحي بسبب المخدرات التقينا بوالدته التي روت لنا تفاصيل إصابته وهي تغالب دموعها حيث قالت خرج ابني سليم العقل ولكنه عاد مجنوناً وهو كان في الحدود الليبية التشادية السودانية يعمل في مجال الذهب وفي يوم ما جاءوا به مربوطاً وأخبرنا أصدقاؤه أن حالته تدهورت بسبب تعاطي المخدرات والآن حالته جيدة بعد أن بدأ في الجلسات الكهربائية.

(خ ع) عمره 22 عاما ويسكن بامدرمان يرقد طريح الفراش بمستشفى الأمراض النفسية تجاني الماحي بسبب المخدرات يقول والده لـ”استقصائي ” ابني خرج سليم العقل وعاد مجنونا  كان في الدهب في الحدود الفاصلة بين ليبيا وتشاد فجأة أتوا به إلى البيت مربوطا وقالوا ده بسبب الحبوب والبنقو لكن الآن أفضل بعد ما أخذ الجلسات الكهربائية “.

تفكير في الانتحار

وفي هذا الصدد تروي المريضة (س ك) لـ”استقصائي” تفاصيل مرضها النفسي حيث قالت عقب زواجي وإنجابي لطفلي الأول خلال شهرين بعد الولادة أصبت بحالة من تغير المزاج وعدم النوم وفقدان الشهية للأكل بجانب البكاء المتواصل والشعور بالخوف والقلق كما فقدت الاهتمام بمولودي إلى درجة عدم إرضاعه وكان الشيء الخطير أنني فقدت الأمل في الحياة وقمت بالقفز من النافذة من الطابق الرابع وذلك لوضع حد لحياتي التي تعبت منها وبعد ذلك قررت أسرتي أن تعرضني على عيادة طبيب نفسي الذي شخص حالتي بأنها اكتئاب ما بعد الولادة وقام بوصف العلاج اللازم لي وتحسنت كثيرا” خلال أيام معدودة وشعرت بأنني قد عدت إلى الحياة مرة أخرى.

من ناحية أخرى روى لنا أحد المرضى بمستشفى طه بعشر للأمراض النفسية والعصبية الذي وجدناه مقيدا بسلاسل الحديد وهو يتوضأ تجربته مع المرض التي استمرت لأكثر من 5 سنوات حيث قال لدي 4 أطفال كنت أعمل في وظيفة مرموقة وأصبح راتبي لا يكفي احتياجاتي المنزلية وبعد ذلك بدأت أشعر بالملل والزهج وعندما أدخل المنزل أقوم (بمشاجرة أولادي وزوجتي وفي كثير من المرات بكون سارح) ولكني لم أفقد الأمل بالله وعلى الرغم من محافظتي على صلواتي الخمس إلا أن الظروف الاقتصادية جعلتني أضعف أمامها وتابع تركت العمل وجلست بالمنزل وأغلقت هاتفي وكنت لا أود الحديث مع أحد حتى أبنائي فقامت زوجتي بالاتصال بوالدتي التي تقطن خارج الخرطوم وأتت مسرعة وقاموا بعرضي لأحد الشيوخ وتم عمل رقية شرعية ولكن ما زال الحال نفسه واستمر الوضع لأكثر من ثلاثة أشهر حتى امتنعت عن الأكل وبدأت أخاف من الجميع وأفضل الجلوس لوحدي وبعد ذلك قاموا بعرضي على أحد الأطباء الذي نصحهم بعرضي على اختصاصي نفسي، أسرتي كانت رافضة لذلك لكنهم قاموا بالذهاب بي إلى هذه المستشفى والآن بدأت أتحسن وأحمد الله على ذلك ثم بكى ولم يتحدث.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *