معلومات التواصل

السودان،الخرطوم،الرياض

متواجدون على مدار الساعة

الكوليرا  تقطع طريق العائدين الى الخرطوم

تقرير : استقصائي

 

قالت ريان أنها أقنعت زوجها، بالعودة إلى منزلهم في أم درمان، بعد عيد الأضحى مباشرة، – أقل من اسبوعين تقريبا- إلا أن وباء الكوليرا الذي انتشر مؤخرا جعلهم يؤجلون فكرة العودة إلى وقت لاحق، واشتكت ريان – ربة منزل سودانية وأم لثلاثة اطفال- في حديثها لـ(استقصائي) من أنهم يعيشون بصعوبة بالغة في القاهرة لأن زوجها بلا عمل ويعتمد على ما يرسله أشقائه من الخليج ومساعدات من أهلها  وقالت ” قررنا العودة الأجار الشهري مكلف، وحرمان الأطفال من تعليم مقلق جدا وزوجي بلا عمل ولكن الكوليرا دفعتنا إلى تأجيل القرار” ومضت قائلة ” المشكلة ليست في الكوليرا في حد ذاتها ولكن ثبت خلال الجائحة أن النظام الصحي منهار”.

وقال شهود عيان أن من العاصمة الخرطوم أن حجم الدمار أكبر مما هو متوقع وكانوا يعانون من نقص خدمات الكهرباء والمياه ولكن جائحة الكوليرا جعلت الأمر غير محتمل وقال بشير سليمان من منطقة كافوري ” منذ أن عدنا وقررنا البقاء الخدمات سيئة ولكن صبرنا على أن تتحسن تدريجيا ولكن لا يمكن أن نصبر مع الكوليرا ” ومضى قائلا ” كثير من الذين عادوا ذهبوا إلى ولايات آمنة ومنهم من سافر إلى مصر”

رسم تقرير لـ ” رويترز “، نشر نهاية الشهر الماضي،  صورة قاتمة للعاصمة ، الخرطوم  التي غادرها أكثر من مليونين من سكانها ، بفعل الحرب، وبعد سيطرة الجيش على العاصمة الخرطوم انطلقت دعوات ومبادرات عديدة تحث النازحين واللاجئين على العودة للوطن، خاصة في مصر وسلطنة عمان ،فيما تشير تقارير ، غير رسمية ، إلى طفرة كبيرة ، في عدد اللاجئين في تشاد وليبيا .

ووصف تقرير رويترز –  الذي وجد رواجا واسعا في السوشال ميديا – العاصمة  المنكوبة ، التي كانت اول ميادين المواجهة العبثية ، بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، بانها  مدينة أشباح،  أفاد المواطنون الذين عادوا للخرطوم في أحاديثهم للوكالة بأن الخرطوم لم تعد تصلح للسكنى   ” رغم انسحاب قوات الدعم السريع وعودة الجيش.  “.

كثير من المراقبين ينظروا إلى دعوات العودة على أنها سياسية، أو جزء من الدعاية الحربية ، أرد الجيش أن يرسلها عبرها رسالة بأنه انتصر في الحرب واستطاع السيطرة غير أن جائحة الكوليرا قلبت الموازين.

وقال حيدر محمد لـ( استقصائي) ” عدت إلى إثيوبيا بعد تفشي مرض الكوليرا” وذكر حيدر أنه عاد إلى أم درمان تاركا أسرته في أديس أبابا وبعد تفشي الكوليرا غادر إلى عطبرة ولكنه اصيب بوعكة صحية خلاف الكوليرا فقرر العودة وقال ” أصبت بوعكة وتعالج منها حتى اليوم ولكن عندما زرت المستشفى وجدت النظام الصحي ينهار وخفت من الكوليرا لذا غادرت فورا إلى أثيوبيا”

وقالت عضو اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء، الدكتورة أديبة إبراهيم،  في برنامج الطريق (18) إن الكوليرا ليست في حال انحسار، كما يقال ، إذ انها منتشرة في سبع ولايات ، مشيرة إلى ضعف  تدخل الحكومة لمعالجة الأمر، وفشلها  في القيام بدورها، وأكدت د. اديبة  أن الوضع الحالي كارثي، و أنه سوف يستمر،  ولن تتوقف الأوبئة إلا بوقف الحرب .

ليست الخرطوم وحدها هي التي لا تصلح للسكن بسبب تضافر الحرب والكوليرا، وانما بورتسودان، العاصمة المؤقتة ، على الاقل ، فهي لا تصلح للإقامة ، أيضا. سلطة  البورت ، التي ما فتئت تتشبث ببورتسودان، فقد دفعت المسيرات ، التي استهدفت مدينة بورتسودان ، ضمن مدن أخرى في الشمالية ، ونهر النيل وكسلا والقضارف ، في الآونة الأخيرة ، بالعديد من الأسر النازحة ، لتلمس طريق العودة ، في رحلة نزوح عكسي ، لمدن أخرى.

وقال عدد من سائقي البصات السفرية أن الطلب على السفر ارتفع بشكل ملاحظ منذ انتشار الكوليرا في العاصمة الخرطوم والولايات الأخرى وقال حامد أحمد -يعمل في الترحيلات في عطبرة- قال ” عاد التكدس للموقف من المسافرين بعد الكوليرا” مشيرا إلى أن أعداد كبيرة من المواطنين عادوا من مصر ومن أثيوبيا، إلا أن العودة قلت مقابل ارتفاع الطلب على السفر إلى الولايات من الخرطوم أو إلى خارج السودان

وطالبت تنسيقية المهنيين في بيان السلطات بتهيئة البيئة المناسبة للعاملين في الدولة وأسرهم قبل أن تأمرهم بالعودة للعمل، وكانت السلطات في بورتسودان أعلنت أن منتصف يوليو الحالي آخر موعد لعودة العاملين في الدولة، وتردد أنباء بأن القرار سيخضع للتعديل بعد انتشار الكوليرا، وتدهور مستوى الخدمات العلاجية الذي صاحبها.

دمار المدن الذي خلفته الحرب وعودة الخدمات يحتاج إلى أكثر من 300 مليار دولار في العاصمة الخرطوم وحدها، وأكثر من 700 مليار دولار لبقية مدن السودان، بحسب تقارير رسمية، وهو مبلغ يصعب توفيره في ظل الظروف المحلية والدولية، الأمر الذي يجعل عودة السودانيين رهينة بوقف الحرب أولا وتوفير مبالغ مقدرة لإعادة الأعمار.

الحرب والمدمرة، والمسيرات المنتشرة خلال حرب السودان صعبة أحلام السودانيين في استعادة حياتهم بشكل عاجل، غير أن بعضهم ضاق به النزوح واللجوء، واختار العودة وتحمل دمار الحرب، غير أن انتشار الكوليرا بدد آمال كثيرين وأضعف قدرتهم على الاحتمال.

 

Share:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *