معلومات التواصل

السودان،الخرطوم،الرياض

متواجدون على مدار الساعة

تقرير دولي: استمرار الحرب في السودان حتى نهاية 2025 يهدد بانهيار اقتصادي ومجاعة واسعة

تقارير – استقصائي
في وقتٍ تغيب فيه ملامح أي تسوية سياسية، وتتشظى فيه مؤسسات الدولة السودانية، حذّر تقرير دولي من أن استمرار الحرب حتى نهاية عام 2025 قد يقود البلاد إلى انهيار اقتصادي شامل، وتدهور اجتماعي عميق قد يستمر لأجيال.

كشف المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية (IFPRI) أن استمرار النزاع المسلح في السودان ينذر بتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 42%، وخسارة نحو 4.6 مليون وظيفة، وارتفاع معدلات الفقر لتشمل 7.5 مليون شخص إضافي، إلى جانب انهيار النظام الغذائي الزراعي، الذي يعدّ شريان حياة لملايين الأسر السودانية.
التقرير المنشور في مجلة دراسات التنمية، أشار إلى أن النساء وسكان الريف هم الأكثر تضررًا، حيث يُتوقع أن ترتفع نسبة الفقر في المناطق الريفية بأكثر من 32 نقطة مئوية، مع تفشي المجاعة وانعدام الأمن الغذائي في مختلف أنحاء البلاد.
اقتصاد يترنح.. وتحذيرات من الفقر الشامل
في تصريح خاص ل (استقصائي) ، قال البروفيسور حسن بشير محمد نور، أستاذ الاقتصاد السياسي والخبير الاقتصادي:
“حرب أبريل 2023 أدت إلى انهيار شبه كامل للنشاط الاقتصادي، حيث انكمش الناتج المحلي بنسبة 29.4٪ في 2023، ويتوقع أن ينكمش مجددًا بنسبة 13.5٪ في 2024، مع استمرار التدهور في 2025 ما لم يتحقق حد أدنى من الاستقرار والإصلاح.”
وأضاف أن معدل التضخم بلغ 170% في 2024، مقارنة بـ66% في العام السابق، بينما شهد الجنيه السوداني انهيارًا كبيرًا أمام الدولار، ما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار واتساع السوق السوداء. وأوضح أن نسبة الفقر المدقع ارتفعت من 33% في 2022 إلى نحو 71% في 2024، وهو ما يعني أن أغلب السودانيين يعيشون بأقل من 2.15 دولار يوميًا.

وأشار البروفيسور بشير إلى أن هذه الأرقام لا تعكس مجرد مؤشرات اقتصادية، بل واقعًا مريرًا يعيشه المواطن كل يوم، في طوابير الخبز، ومراكز التغذية الفارغة، والمدارس التي تحوّلت إلى ملاجئ.

 

كارثة إنسانية تتجاوز الأرقام

أوضح التقرير أن الحرب تسببت في أكبر موجة نزوح في تاريخ السودان، مع أكثر من 12 مليون نازح داخلي، وقرابة 4 ملايين لاجئ. كما اجتاحت المجاعة ما لا يقل عن 10 مناطق، وانتشرت أوبئة مثل الكوليرا والحصبة، في ظل خروج نحو 80% من المستشفيات عن الخدمة.

كما حُرم ملايين الأطفال من التعليم، وتفاقمت أزمة الصحة العامة بشكل خطير مع نقص الأدوية وهجرة الكوادر الطبية، مما يهدد بانهيار طويل الأمد للقطاع الصحي.

فرصة في الزراعة… لكنها مرهونة بالسلام

ورغم القتامة، يرى البروفيسور بشير أن قطاع الزراعة – الذي يشغّل 40% من القوى العاملة – قد يكون نقطة الانطلاق نحو التعافي، إذا توفرت السياسات الداعمة. وأشار إلى أن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) تدخلت هذا العام لتوفير التقاوي لأكثر من مليوني أسرة، تشمل محاصيل رئيسية مثل الذرة والدخن والفول السوداني.

لكن التقرير يحذّر من أن هذا الأمل يبقى هشًا في ظل استمرار الحرب، وانهيار سلاسل الإنتاج، وغياب آليات التمويل والدعم المؤسسي.

 

دعوة عاجلة للتحرك

 

أكد الدكتور خالد صديق، كبير الباحثين في IFPRI والمشارك في إعداد الدراسة، أن “الآثار الاقتصادية للحرب عميقة وممتدة، ولن تنتهي تلقائيًا مع وقف إطلاق النار”، مطالبًا بخطة استجابة فورية تشمل:
• دعم النظام الغذائي الزراعي وإعادة تأهيل سلاسل القيمة
• برامج طوارئ للتوظيف، خصوصًا في المناطق الريفية
• توسيع الحماية الاجتماعية، لا سيما للأسر التي تعولها النساء
• ترميم قطاعات الصحة والتعليم في المناطق المنكوبة
أمام مفترق طرق مصيري
رغم حجم الكارثة، يشير الخبراء إلى أن أمام السودان فرصة أخيرة لتدارك الانهيار. لكن النافذة تضيق بسرعة. فالوقت لم يعد مجرد عامل محايد، بل تهديد متسارع.
“ما لم تُتخذ قرارات حاسمة اليوم، فإن السودان قد يفقد جيلًا بأكمله تحت وطأة الحرب والجوع.” – يقولها بروفيسور حسن بشير محذرًا.

ما تبقّى أمام السودان ليس مجرد خيار بين الحرب والسلام، بل بين الانهيار الكامل وإمكانية التعافي. مستقبل البلاد مرهون بقرارات تُتخذ الآن وليس بعد فوات الأوان.
“إن لم تُتخذ قرارات حاسمة اليوم، فالثمن غدًا سيكون وطنًا بلا شعب، وأرضًا بلا أمل.”

Share:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *