معلومات التواصل

السودان،الخرطوم،الرياض

متواجدون على مدار الساعة

 

 

استقصائي

 

تعرّضت عدة مناطق في شمال السودان، أمس الثلاثاء، لسيول عارمة أدت إلى دمار أكثر من 10 آلاف منزل بصورة كلية وجزئية. تزايدت كثافة الأمطار والفيضانات بشكل كبير في المناطق شمال مدينة دنقلا، بالإضافة إلى مدينة أبو حمد في ولاية نهر النيل التي تُعتبر المركز الأساسي لعمليات تعدين الذهب في البلاد. وقد أثار ذلك قلقًا بيئيًا كبيرًا نتيجة اختلاط مياه الفيضانات بمخلفات مواقع التعدين المنتشرة بكثرة في هذه المناطق، مما أدى إلى جرفها إلى نهر النيل، المصدر الرئيسي لمياه الشرب وري المشاريع الزراعية.

رغم عدم صدور بيانات رسمية حتى الآن حول حجم الخسائر، إلا أن نشطاء في المنطقة أكدوا مقتل ما لا يقل عن 17 أشخاص وإصابة حوالي 50 آخرين، نتيجة انهيار المباني أو الغرق في مجرى السيل.

وفقاً للتقديرات الأولية، فقد تضررت أكثر من 10 آلاف أسرة في مدينة أبو حمد والقرى والمناطق المحيطة بها من فقدان المأوى، وذلك في ظل ظروف إنسانية وصحية خطيرة للغاية، بالإضافة إلى نقص حاد في المستشفيات والأدوية والمياه الصالحة للشرب.

قال محمد عثمان، وهو ناشط تطوعي في المنطقة، إن الآلاف من الأطفال وكبار السن يعيشون في العراء ويتعرضون لدغات الحشرات السامة والبعوض، بالإضافة إلى انتشار الأمراض، في ظل نقص حاد في الخدمات الطبية ووسائل الرعاية الأولية.

أكد عثمان، أن “الوضع كارثي للغاية، والجميع في حالة من الخوف بعد أن داهمتهم سيول الأمطار في ظل ظروف إنسانية واقتصادية سيئة، بالإضافة إلى أن المنطقة تعاني من ضعف قدرتها الاستيعابية بسبب موجة النزوح الكبيرة إليها من مناطق النزاع في الأشهر الأخيرة”.

وحذر خبراء البيئة من أن اختلاط مخلفات التعدين السامة مع المياه قد يتسبب في كوارث صحية وبيئية خطيرة، خاصة في ظل الحالة الهشة التي تعاني منها البلاد في القطاعين الصحي والبيئي نتيجة الحرب المستمرة منذ حوالي عام ونصف.

ترى حنان مدثر، استشارية في أنظمة البيئة والمياه والتنمية المستدامة، أن منطقة أبو حمد تتميز بطبيعتها الخاصة، حيث تعد من المناطق التي تنشط فيها عمليات التعدين بشكل كبير، وتستخدم فيها المواد الضارة بالبيئة على نطاق واسع.

أفادت بأن “ما يجري حاليا يتيح المجال لكافة السيناريوهات، خاصة في ظل الفوضى البيئية في المنطقة الناتجة عن انتشار التعدين العشوائي وغياب الرقابة عليه”.

وتشير إلى أن “السيول تؤدي إلى نقل المخلفات نحو مجاري المياه والآبار الجوفية المستخدمة في الشرب وري الزراعة، مما يتسبب في تلوث بيئي يشكل خطرًا حقيقيًا على صحة الإنسان”.

يزداد الخطر بشكل أكبر مع التقارير التي تناولت جرف مياه السيول لكميات كبيرة من مخلفات الذهب المخزنة في مزارع ومنازل ومدارس في العديد من الأماكن المحيطة بالمنطقة.

يتحول 99.9% من الركام المستخرج من الذهب إلى نفايات، وعندما تتساقط الأمطار وتجرف السيول مخلفات الزئبق إلى الأنهار، فإن مياه الشرب والري تتلوث على الفور بالزئبق والسيانيد ومخلفات التعدين الأخرى.

تشير حنان مدثر إلى أنه وفقًا لتوقعات مؤشر الأرصاد الجوية التابع للهيئة المعنية بالتنمية في أفريقيا، فإن السودان قد يشهد هذا العام معدلات قياسية من الأمطار، وقد تتجاوز الفيضانات الناتجة عنها تلك التي وقعت في عام 1946.

لكن، وفقًا لخبيرة البيئة حنان مدثر، قد تكون الظروف هذا العام أسوأ بسبب النقص الشديد في الخدمات الصحية والبيئية المطلوبة للحد من انتشار الأمراض المرتبطة بالسيول والفيضانات، مثل الحميات والإسهالات المائية والكوليرا وغيرها.

 

نقلًا عن موقع سكاي نيوز

Share:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *