بقال .. حين يضيق “حضن الوطن” بالأسئلة
استقصائي .. تقارير
يعلن إبراهيم بقال عن إمكانية عودته للسودان عبر مطار بورتسودان . بقال الذي سبق وان شغل منصب والي الخرطوم في حقبة سيطرة قوات الدعم السريع عليها في فترة سابقة جاعلاً من نفسه صوت “الجنجويد” في المدينة المحتلة.
عودة “الفتي الضال” وهو اللفظ الذي استخدمه البعض لتعريف “بقال” الذي خدم وبمنتهى الطاعة في بلاط الحركة الإسلامية وحزبها المؤتمر الوطني قبل ان ينتهي به الحال مثل كثير من اخوانه في بلاط خدمة الدعم السريع أثارت الكثير من الجدل وبالطبع ردود الأفعال المتباينة بين مرحب ورافض للخطوة . بينما أعادت السؤال مرة أخرى حرب من؟
تتابع الأصوات بتسريباتها جهات عليا تصدر أمر ناعم كالماء، قاطع كالسكين: بتوجيهات بمنح إبراهيم بقال جواز سفر خاص في الوقت الذي تحرم فيه السلطات الأف الأشخاص من الحصول على جوازات السفر تحت دعاوى موالاة والتعاون مع التمرد.
وجد التلويح بقرار عودة واستقبال “بقال” رفض منقطع النظير من تيارات كبيرة من “البلابسة” حيث كتبت الصحفية الداعمة للجيش رشان أوشي “بما أن القيادة قبلت عودة (بقال) الذي كال السباب لهم ولأسرهم، تفرض العدالة والأخلاق عليهم إطلاق سراح الآلاف من البسطاء الموقوفين على ذمة قضايا التعاون مع المليشيا.
هل جريمة بائعة شاي أُجبرت على العمل بمناطق سيطرة التمرد من أجل قوت أطفالها، أكبر من جريمة (بقال) الذي أعلنه التمرد والياً على الخرطوم؟ لظلم ظلمات.. خلو عندكم أخلاق.
البعض أعتبر ان قرار عودة واستقبال “بقال” هو بمثابة ترمومتر لقياس مدي مقبولية استيعاب المتمردين على السلطة كجزء من سلطة بورتسودان وعلى راسهم بقال الذي غادر الخرطوم تلاحقه لعنات أهلها ممن منحتهم المليشيا العذاب اضعاف مضاعفة.
بقال لم يكن شاهدًا. كان شريكًا لطالما خرج في بثوث حيّة يحرّض، ويُهاجم، ويُعنصر، ويسخر من الجيش، ومن الشعب، ومن الوطن ذاته، كان صوتًا للجنجويد في كواليس الخرطوم، يتحدث من قلب الاحتلال، وكأن الخرطوم إرث عائلي تم استعادته وكيف للناس ان ينسوا كل ذلك ويفتحوا احضانهم لاستقبال من جعل منازلهم تلفظهم بعيداَ عنها ؟
ثمة من يجيب على الأسئلة بقوله “بذات البساطة التي دخل بها كيكل إلى حضن الوطن يمكن ان يدخل بها بقال والفرق في خدمة الرجلان لحميدتي فرق في الدرجة وليس النوع الحضن الذي أتسع لابوعاقلة لن يضيق حين يتعلق الأمر بإبراهيم وما على الشعب سوى ان يفتح صفحة جديدة يحول فيها أعداء المؤسسة حتى الأمس لخدامها اليوم
لكن من يفتح أبواب الدولة وحضن الوطن للمجرمين ؟ الامر لا يحتاج لمجهود هم نفس الذين أغلقوا الوطن في وجه اهله بإشعالهم للحرب إنهم الإسلاميون، الكيزان، دعاة المشروع الحضاري اخوة بقال القدماء الذين لم يغادروا يومًا.. فقط غيّروا الأقنعة ويحاولون الآن إقناع شعب كامل بان بقال لم يكن ضد المؤسسة وانما في خدمتها وان الفيديوهات التي قام بنشرها كان هدفه إتقان اللعبة لا أكثر ولا أقل
في التلويح بإمكانية عودة بقال ثمة من يخبرك عن “روافع” قبلية في الامر وهو ما بدأ ماثلاً في مواجهة من رفضوا عودته من فريق “البلابسة” حيث رد اهل عصبة بقال بقولهم ” ما أعاد كيكل كفيل بإعادة بقال” أبواب قبول التوبة يجب ان تكون مشرعة امام الجميع وان أي محاولة لتفكيك داعمي المليشيا يجب ان تجد الدعم .
بقال المتواجد حالياً في دولة تشاد يخوض معركته ضد “الدعم السريع” معلناً دعمه للجيش حتى قبل ان يقوم بمسح فيديوهاته السابقة التي يدعم من خلالها الدعم السريع مهاجماَ الجيش وقياداته المفارقة ان هذه الفيديوهات هي التي يستند عليها الرافضون لعودة بقال في سعيهم لا نجاز موقف رسمي رافض لها وسط تسريبات تقول بأن جهات رسمية دفعت لبقال الأموال التي تمكنه من العودة وان تفاهمات جرت بينه وقائد فيلق “البراون” تتعلق بترتيبات عودته
في ظل استمرار الجدل بين المرحبين والرافضين لعودة بقال لبورتسودان تخرج تسريبات أخرى مفادها ان بقال قرر تأجيل وصوله للبلاد لوقت يحدد لاحقاً مبرراً خطوة تراجعه بسبب عدم ملائمة الأوضاع الأمنية وان تهديدات وصلت إليه من قبل متضررين من الدعم السريع لكن الأمر هذا لا يعني باي من الأحوال انتصار الفريق الرافض لعودة بقال بقدر ما هو تأجيل لحين أخر .
صعود بقال مرة أخرى لسطح الاحداث وتحوله لمادة الجدل الرئيسية استعداد البعض لاستقباله ورفض أخرين مجرد ان تطأ اقدامه ارض البلاد التي ارتوت بالدماء يضع الإجابة على سؤال هي حرب من ؟
بقال ليس حادثة.. إنه عنوان لمرحلة كاملة، تُغتال فيها الحقيقة، ويُخنق فيها الصوت، ويُكافأ فيها كل من تجرّأ على الدولة بسلاح السلاح الذي يعاد تعريف ضرره ونفعه من خلال خدمته لجهة بعينها واجندة معروفة هي أجندة الحركة وحركات منسوبيها .
