معلومات التواصل

السودان،الخرطوم،الرياض

متواجدون على مدار الساعة
لجأ تجار ومتعاملون في الأسواق العامة إلى طريقة جديدة لاختصار الوقت والجهد، أثناء عمليات البيع والشراء، بوضع الفئات النقدية الصغيرة في الميزان، للتحقق من تمامها قبل استلامها. فيما لم يستبعد اقتصاديون وتجار أن يضطر الناس إلى حمل النقود على عربة “الدرداقة”، وهي أداة للنقل اليدوي يستخدمها عمال البناء في تشييد المباني، وذلك بعدما أصبح حمل أموالٍ تكفي لشراء مؤونة البيت لأسبوع أمراً صعباً تضيق به الجيوب.

تهاوي الفئات النقدية

بالعودة إلى حكم الأمر الواقع، ومع ازدياد حجم التضخم الاقتصادي المتوالي، والذي يعني انهيار قيمة النقود، وما ينتجه من ارتفاع تصاعدي ومستمر لمستوى الأسعار، فإننا نجد أن فئات الجنيه بدأت بالخروج تدريجياً من الأسواق، وفقدت قيمتها التداولية، حيث بدأ ذلك بفئة الجنيه الورقية والمعدنية، ثم تبعتها فئات الجنيهين والخمس والعشرة جنيهات، دون أن يصدر البنك المركزي بياناً يوضح فيه أن تلك الفئات النقدية المتهاوية لم تعدّ مبرئة للذمة، وهو ما يزيد من إشكالية التعامل النقدي في السودان.

مشكلة التعامل مع الفئات النقدية الصغيرة

يقول التاجر الرشيد أحمد أنهم أصبحوا يواجهون مشكلة مع الزبائن بسبب العملات الصغيرة، لأنهم يتعاملون معهم كمستودع للتخلص من فئات العشرين والخمسين جنيهاً، في الوقت الذي يرفضون فيه استلامها حينما تُعطى لهم، لافتاً إلى أن فئة العشرة جنيهات باتت شبه منعدمة، وأنهم عند الشراء بالجملة يجدون أفضيلة للبيع لمن يحمل الفئات الكبيرة أكثر من الفئات الصغيرة. وخلال جولة “استقصائي” في الأسواق، لاحظنا أن العديد من التجار لا يحسبون الأموال التي يحصلون عليها من الزبائن إذا كانت من فئة الخمسين جنيهاً، بل يضعونها في الميزان لمقاربة قيمتها بـ “الكيلو”، على اعتبار أن عدها يُمثل مضيعة للوقت، كما تظهر عليهم علامات الاستياء والامتعاض عند استلامها.

خلل السياسات النقدية

وفي هذا الشأن، نوه الاقتصادي محمد الناير إلى أن التركيبة الفئوية للعملات يفترض مراجعتها كل فترة، بما يتوافق مع حجم الأوضاع الاقتصادية في البلاد، حتى لا يتم طباعة فئات نقدية لا قيمة لها وليس لها أي قوة شرائية، وهو ما يُمثل خسارة على الدولة والاقتصاد. وأضاف الناير أن هناك خيارات يمكن للدولة اللجوء لها فيما يخص التعامل مع انخفاض قيمة الجنيه، ومن تلك الخيارات حذف الأصفار، وإعادة ضخ العملة بأرقام جديدة كما حدث من قبل، أو أن تفعل عمليات الدفع الإلكتروني.

مرتبات بالأكياس

منذ التعديل الذي أحدثته حكومة الدكتور عبدالله حمدوك على هيكل الرواتب في الخدمة المدنية، بدأت تظهر من ذلك الحين ظاهرة حمل الموظفين لرواتبهم في الأكياس بدلاً من حملها في الجيوب، أو بدلاً من سحبها من حساباتهم البنكية، ورغم الفرحة الكبيرة التي اجتاحت موظفي الخدمة المدنية بعد زيادة رواتبهم، إلا أن تلك الفرحة سرعان ما تبددت جراء ارتفاع معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية للجنيه. وفي هذا السياق، يرى الاقتصادي محمد الناير أن زيادة المرتبات يفترض أن تتم بمعدلات كبيرة، بشرط أن تمول من إيرادات حقيقية للدولة، لتقليل آثارها التضخمية، مبيناً أن ذلك يمثل تحدياً كبيراً في الموازنة القادمة، خصوصاً بعدما أصبحت الرواتب لا تفي إلا بمعدل لا يتجاوز الـ 15 % للحد الأدنى لمستوى معيشة الأسرة.  

أزمة أوراق نقدية

بدوره، يؤكد الاقتصادي محمد المصباح أن الدور المنوط ببنك السودان للتعامل مع أزمة الأوراق النقدية، هو إصدار فئات نقدية أكبر، وإلغاء الفئات الصغيرة التي أصبحت لا تصلح للتداول بسبب ضآلة قيمتها، لافتاً إلى أن ما نشهده من عدم قبول للفئات الصغيرة من البنوك والمتعاملين التجاريين أمراً طبيعياً، من جهة أن تكلفة تداول هذه الفئات الصغيرة مكلف بالمقارنة بقيمتها، كما أن في ظل المجتمع السودان الذي لا يزال يتعامل بالأوراق النقدية بشكل كبير، فإن وجود فئات نقدية بقيمة مناسبة وبعدد قليل، أمر ضروري لاستمرار الأنشطة الاقتصادية بشكل سلس. ونبه المصباح إلى ضرورة رفع سقف السحوبات من الصرافات الآلية؛ لتقليل الازدحام في البنوك، وتسهيل التعامل معها، مشيراً أن تكلفة إصدار أي عملة معدنية الآن ستكون أعلى من قيمتها، ولذلك من الأجدى إلغاء الصفر من العملة، ثم صك عملات معدنية بفئة أعلى. استقصائي
Share:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *