معلومات التواصل

السودان،الخرطوم،الرياض

متواجدون على مدار الساعة

الصحراء تبتلع السودانيين: نساء وأطفال تائهون على الحدود الليبية في ظروف صحية قاسية

استقصائي – مصعب محمد علي

عثرت فرق الإسعاف الليبية على مجموعة من السودانيين، بينهم نساء وأطفال، تائهين في عمق الصحراء قرب الحدود الليبية – السودانية، في حالة صحية متدهورة نتيجة العطش والإرهاق، بعد أن قضوا أياماً تحت شمس الصحراء الحارقة بلا ماء أو طعام.

وقال إبراهيم أبو الحسن، مدير الإسعاف المركزي بمدينة الكفرة الليبية، إن المجموعة كانت في طريقها للعودة إلى السودان في رحلة نزوح محفوفة بالمخاطر، لكنها ضلت الطريق وتحولت محنتها إلى فخ قاتل. وأضاف أبو الحسن أن المجموعة نُقلت إلى مركز طبي لتلقي الإسعافات اللازمة، مشيراً إلى أن بعض الأطفال كانوا في حالة شبه غيبوبة بسبب الجفاف الشديد.

نزوح في مهب الصحراء

تُعدّ مأساة هذه المجموعة فصلاً جديداً في كارثة النزوح السوداني المتفاقمة منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، والتي دفعت ملايين السودانيين إلى الفرار من ديارهم. كثيرون منهم وجدوا أنفسهم مشتتين في مناطق نائية، من أطراف دارفور إلى المدن الليبية البعيدة، حيث تتربص بهم الصحراء الكبرى وتتحول إلى فخ قاتل.

ويؤكد ناشطون أن مئات السودانيين لقوا حتفهم خلال السنوات الماضية أثناء محاولاتهم عبور الصحراء الكبرى، إما بسبب العطش، أو حوادث الطريق، أو الوقوع ضحايا للمهربين والعصابات المسلحة. وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن أكثر من 1500 شخص، معظمهم من السودانيين، لقوا مصرعهم في تلك المسارات القاحلة والوعرة منذ عام 2023.

بين فكي كماشة

الناجون من هذه “رحلات الموت” يروون قصصاً مروعة عن التيه والخذلان، عن أيام طويلة قضوها في قلب الصحراء بلا مؤن، ولا ماء، ولا أي ضمانة للنجاة. بعضهم اتجه شمالاً هرباً من نيران الحرب، وآخرون حاولوا العودة جنوباً بعدما ضاقت بهم سبل العيش في ليبيا. وفي كلتا الحالتين، كانت الرحلة أشبه بمقامرة بالحياة.

وحذرت منظمات إنسانية من تزايد أعداد النازحين السودانيين الذين يخاطرون بعبور هذه المسارات القاتلة، في ظل انسداد الأفق السياسي، وتفاقم الأوضاع المعيشية داخل السودان وخارجه. ومع غياب ممرات آمنة، ومراكز استقبال حدودية مجهزة، تبقى الصحراء مصيدة مفتوحة، تبتلع الفارين من الموت، وتعيدهم جثثاً هامدة أو أرواحاً منهكة بالكاد نجت.

صرخة في وجه العالم

يقول عاملون في المجال الإنساني إن ما يحدث على الحدود الليبية-السودانية يتطلب تدخلاً عاجلاً من المنظمات الدولية والدول المجاورة، لتوفير ممرات آمنة، ونقاط استجابة صحية عاجلة، وآليات لتوثيق الوفيات وحالات الاختفاء. وأكدوا أن الصمت على هذه الكارثة لا يقل قسوة عن الحرب ذاتها.

فهي حرب لا تنتهي عند صوت الرصاص، بل تمتد لتطحن الناجين في منافي جافة وقاسية، حيث يتحول النزوح إلى رحلة في قلب المجهول، والموت يصبح خياراً محتملاً في كل منعطف رملي.

Share:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *