ليست العقوبات الأوروبية الأخيرة على السودان مجرد لائحة جديدة من الأسماء المجمدة أصولها والممنوعة من السفر. إنها لحظة رمزية تُعبّر عن شيء أكبر من الإجراءات القانونية: اعتراف دولي بأن هناك جرائم تُرتكب، وأن المجرمين لن يظلوا بمنأى عن المحاسبة، ولو من بعيد.
حكومة بورتسودان سارعت إلى الرفض، وبلغة تقليدية تحدث بيان الخارجية عن “المؤسسة الوطنية” و”المليشيات الخارجة عن القانون”، في محاولة لتثبيت سردية مفادها أن الجيش هو ذراع الدولة الشرعية، بينما الآخرون هم العصاة. هذه النظرة، رغم ما فيها من منطق قانوني، تتجاهل الواقع القاسي على الأرض، حيث اختلطت الأدوار، وامتدت يد الانتهاك من دارفور إلى الخرطوم، ولم يعد المدنيون يميزون بين من يطلق النار باسم الدولة ومن يفعلها ضدها.
لكن، وعلى خلاف القراءات المتشائمة التي ترى في العقوبات مجرد أدوات ضغط عقيمة أو استعراض أخلاقي متأخر، أعتقد أن لهذه الإجراءات وزنًا رمزيًا وسياسيًا قد يسهم في كبح جماح العنف—ولو جزئيًا. فهي ترسل رسالة واضحة للفاعلين بأن الأضواء الدولية لا تزال مسلطة، وأن الإفلات من العقاب لم يعد مضمونًا كما كان.
كما أن استهداف كيانات مالية تُستخدم في تمويل الحرب—سواء لصالح الدعم السريع أو الجيش—قد يُضعف الشبكات التي تغذي آلة القتل، ويفتح بابًا لتخفيف المعاناة اليومية للمدنيين، ولو ببطء. فالحرب، في جانبها الأعمق، ليست فقط تبادلًا للرصاص بل اقتصاد ظل وشبكات مصالح معقدة، قد تكون العقوبات أداة لخلخلتها.
ومع ذلك، تبقى الفعالية مرهونة بالسياق الأوسع. فبدون توافق إقليمي حقيقي، تظل هذه العقوبات ناقصة الأثر. الدول الداعمة لطرفي الحرب، ما زالت تملك نفوذًا ميدانيًا يتجاوز في تأثيره قرارات مجلس الاتحاد الأوروبي في بروكسل. لذا فإن الضغط على هذه القوى، أو على الأقل إدماجها في استراتيجية عقابية ذات طابع أممي، يظل ضرورة حاسمة.
في نهاية المطاف، لسنا أمام حل سحري، ولكننا أمام خطوة قد تُحدث فرقًا. ليست العقوبات نهاية الطريق، لكنها قد تكون بداية لتحريك مياه اللامبالاة الراكدة. فحين يُحاصر أمراء الحرب اقتصاديًا، ربما يجد المدنيون متنفسًا ولو ضئيلاً في جحيم لا يرحم.
وفاة لاجئ سوداني في ماسندي ومجتمع اللاجئين يتابع التحقيقات مع السلطات الأوغندية استقصائي - أخبار…
الخارجية الأميركية» تلغي اجتماع «الرباعية» حول السودان بواشنطن السفير المصري لدى الولايات المتحدة أشار لاحتمال…
مقتل شرطي اثناء اشتباك مسلح بعد ضبط جنود متورطين في تجارة مخدرات بأم درمان أخبار…
ولاة… بشرعية “الأونلاين” تقارير -استقصائي من منفاه الاختياري أو من مكتبه “الافتراضي”، يصرّح فارس النور،…
تنويه للحقيقة أعداء كُثُر. في ظل الظرف القاسي الذي تمرّ به بلادنا، تكاثرت “خفافيش…
إضراب تجار الذهب في أم درمان بعد اختطاف ونهب أحدهم استقصائي- مصعب محمد علي أغلقت…