غرفة طوارئ جنوب الحزام: دعم متوقف، انتهاكات مستمرة، ومخاوف من تصفية المتطوعين
تقرير – ملك جمال | 24 مايو 2025م
تعد غرفة طوارئ جنوب الحزام، التي تغطي مناطق مايو، حي النصر، السلامة، اليرموك، وأجزاء من أحياء الإنقاذ، واحدة من أبرز غرف الطوارئ التي وجدت نفسها في قلب عاصفة الحرب منذ اندلاعها في 15 أبريل 2023. ومع أن الغرفة ظلت تعمل لتلبية احتياجات السكان، إلا أن الدعم توقف منذ ديسمبر الماضي، فيما تتوالى الانتهاكات بحق المتطوعين، ما يعكس حجم التحديات الإنسانية والأمنية التي تواجهها.
آخر دعم في ديسمبر.. وتوقف الأنشطة
قال المتحدث باسم الغرفة، أحمد فاروق، في تصريح لـ(استقصائي)، إن آخر دعم تلقته غرفة طوارئ جنوب الحزام كان بتاريخ 25 ديسمبر 2024 من برنامج الغذاء العالمي (WFP)، وتمثل في مواد تموينية غذائية استفادت منها نحو 90 ألف أسرة. وأضاف: “تم توزيع الكمية بالكامل، والتفاصيل موثقة في سجلات وتقارير الغرفة المنشورة على صفحتها الرسمية”.
وأشار إلى أن الغرفة تعتمد كذلك على تكايا ومطابخ جماعية تعمل يوميًا، إلى جانب استقبالها لمواد طبية واحتياجات نسائية ومستلزمات إيواء، مؤكدًا أن التقارير الدورية توثق كل ذلك بدقة.
غرفة نسائية: نُخفي الانتهاكات لحماية الضحايا
في ظل الانتهاكات المتكررة ضد النساء، أنشأت متطوعات الغرفة غرفة طوارئ نسائية متخصصة. وقالت “فاطمة” (اسم مستعار)، إحدى المسؤولات في الغرفة، لـ(استقصائي): “عملنا بدأ في ظل ظروف قاسية، وكان من الصعب توفير حتى الفوط الصحية للنساء، فقمنا بتأسيس غرفة تهتم بتوزيع الحقائب الصحية، والدعم النفسي، وتوفير مساحات آمنة، إضافة إلى التوعية ببروتوكولات التعامل مع ضحايا الاغتصاب”.
وأكدت “فاطمة” أن الغرفة تتكتم على العديد من حالات الانتهاك لحماية الضحايا، وقالت: “بعض الانتهاكات موثقة ونُشرت، لكن البعض الآخر لم نتمكن من كشفه حفاظًا على سلامة المتطوعات”. ولفتت إلى أن قوات الدعم السريع اعتقلت عدداً من المتطوعات من داخل مستشفى بشائر، وسط إطلاق نار وتعرض بعضهن لانتهاكات قائمة على النوع.
اعتقالات وسرقة معدات طبية وغذائية
كشف فاروق عن تعرض عدد من المتطوعين للاعتقال والاقتياد إلى جهات مجهولة بواسطة قوات الدعم السريع، من بينهم الطبيب دانيال فليكس من جنوب السودان، الذي كان يعمل في مستشفى بشائر. كما أشار إلى أن الدعم السريع سرق عربة الإسعاف التابعة للمستشفى في 31 يناير 2025، وسرق كذلك مواد غذائية من مقر غرفة الطوارئ، ما أدى إلى خلل كبير في تشغيل المطابخ الجماعية.
وفي 8 فبراير، أكد فاروق أن قوات الدعم السريع اقتادت المتطوعين هاشم طائف ومحمد عبد الله من داخل مستشفى بشائر تحت تهديد السلاح، ما دفعه إلى توجيه نداء عاجل للمتطوعين بالانسحاب فورًا.
توقف منظمة أطباء بلا حدود عن العمل
في 10 يناير 2025، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود تعليق أنشطتها في مستشفى بشائر التعليمي، الواقع في منطقة تسيطر عليها قوات الدعم السريع، بسبب استمرار الهجمات المسلحة على المرضى والطاقم الطبي. وأوضحت المنظمة أن القرار جاء بعد 20 شهرًا من العمل المشترك مع إدارة المستشفى وغرفة الطوارئ.
شهادات من قلب المعاناة
قال (أ.ك)، أحد المتطوعين، لـ(استقصائي): “بدأت العمل في الغرفة منذ 2019، ومع اندلاع الحرب توجهنا فورًا إلى مستشفى بشائر، وكنا نقدم المساعدات لجميع المصابين دون تمييز. بعد سقوط قذيفة داخل المستشفى، تم إغلاقه لفترة، ثم أعدنا تشغيله بالشراكة مع أطباء بلا حدود وإدارة المستشفى”.
وأضاف أن التهديدات تطورت لاحقًا إلى انتهاكات مباشرة داخل المستشفى، من ضرب وإهانة واعتقالات، ما دفع المتطوعين إلى مغادرته بعد انسحاب منظمة أطباء بلا حدود، التي كانت تمثل لهم غطاءً حامياً.
مرحلة دخول الجيش.. استقرار نسبي وانتهاكات صامتة
بعد انسحاب قوات الدعم السريع، دخل الجيش السوداني إلى المنطقة، وساد نوع من الاستقرار النسبي. لكن أحد المتطوعين – فضّل عدم ذكر اسمه – قال إن انتهاكات جديدة حدثت في هذه المرحلة أيضاً، بعضها تم التكتم عليه لدواعٍ أمنية. وأوضح أن العمل الطوعي استؤنف بصعوبة، وسط غياب المنظمات الإنسانية واستمرار التدهور الاقتصادي وانتشار الأوبئة.
هيكل أفقي وتنظيم داخلي
أوضح أحمد فاروق أن غرفة طوارئ جنوب الحزام لا تتبع قيادة فردية، بل تعمل بهيكل أفقي قائم على التشاور الجماعي. وتتألف من 9 مكاتب تشمل: الخدمات، المالية، الإعلام، المكتب الطبي، المكتب النسوي، الميداني، الاتصال والتنسيق، البرامج، والمشروعات، إلى جانب مكتب المتابعة. ويبلغ عدد المتطوعين في الداخل نحو 250 شخصًا، بالإضافة إلى حوالي 100 متطوع سوداني في الخارج.
بداية الغرفة.. ما قبل الحرب
تعود نشأة غرفة الطوارئ إلى عام 2019، حين اجتاحت السيول منطقة جنوب الحزام، وتم تأسيسها لإغاثة المتضررين في ظل غياب حكومي. رغم تردد بعض المنظمات حينها في دعمها، إلا أنها أثبتت لاحقًا قدرتها على الاستجابة المجتمعية السريعة، خاصة في أوقات الكوارث.
كيف ينظر السودانيون من وسط نيران موتهم إلى نيران الصواريخ المشتعلة بين إيران والكيان إليكم…
الحزب الشيوعي : لا ثقة في لجان التحقيق الوطنية.. ونرفض استغلال مزاعم "الأسلحة الكيميائية" للتدخل…
رصد انتهاكات حقوق الإنسان في السودان تقرير - رحاب مبارك سيد أحمد | 11 يونيو…
وادي حلفا: محتجون يطردون المدير التنفيذي مع استمرار أزمة الكهرباء استقصائي - مصعب محمد علي…
رئيس الوزراء بين جلسات التصوير في “بورتسودان” وحقيقة الصورة في السودان استقصائي – تقارير تواصل…
مسؤولون ليبيون يتهمون عصابات سودانية باختطاف جنود ليبيين خاص - استقصائي اتهم مسؤولون ليبيون، يوم…