نفذت السلطات تعديلات جديدة على التعريفة الجمركية لعدد من السلع بالخفض والزيادة، وذلك عقب صدور قرار من مجلس الوزراء قبل أيام قضى بتعديل الفئات في جدول التعريفة الجمركية، الملحق بقانون الجمارك المعدل للعام ٢٠٢٣م،
وشملت التعديلات رسم الوارد لـ “103” سلع، وجاء التعديل بالخفض أو الزيادة، مع وضع ملاحظات توضح أسباب التعديل، وكذلك تعديل ضريبة الرسم الإضافي لـ”95 سلعة، إضافة إلى رسم الوارد على الفيرنس من صفر إلى “3%” كما تم خفض رسم الوارد على القمح من “20 إلى 3%، بغرض توطين زراعة القمح.
وتمثل زيادة الرسوم الجمركية التي أقرت مؤخراً واحدة من زيادات عديدة فرضتها الحكومة على أسعار الخدمات والرسوم، لتغطية العجز الكبير في ميزانية الدولة بسبب المشكلات المتفاقمة التي يعانيها الاقتصاد السوداني منذ سنوات، وعلى الرغم من أن البعض يقول إن الزيادات الجديدة لم تمس السلع المتداولة أو التي يتأثر بها معاش الناس، وأن معظم الزيادات جاءت في صناعات تحويلية، إلا أن خبراء يؤكدون أن هذه الزيادات بشكل عام لن تكون مضمونة النتائج وربما تعود بنتائج سلبية تؤدي لضعف الإنتاج والتجارة المحلية وحركة الاستيراد والصادرات.
ويقول الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي لـ” استقصائي” إن خطوة الحكومة في رفع الرسوم الجمركية لتحقيق إيرادات مرتفعة لن تؤدئ إلى نتائج مجدية للاقتصاد، ويؤكد بقوله: بل ستظل الإيرادات ضعيفة لتراجع حجم الطلب على الاستيراد، كما سوف تقل الكميات المستوردة ويضعف العائد من الجمارك.
ويضيف فتحي، و لن تتمكن الدولة من تغطية العجز في الميزانية ومواجهة الصرف لتسيير دولاب الدولة، في ظل توقف المساعدات الدولية وتوقف حركة الإنتاج والصادرات.
هيثم فتحي يشير في حديثه لـ” استقصائي” إلى أن المشكلة الاقتصادية الحالية بحاجة إلى الاهتمام بالاقتصاد الحقيقي القائم على الاستثمار والتشغيل والتصدير للخارج مع تقليل الواردات وإحلالها بمواد مصنعة محلياً، وينوه إلى أن الاقتصاد السوداني غير مرن ولا يملك جهازا إنتاجيا كالزراعة والصناعة، كما تفتقر سياسة التجارة للضوابط الحمائية للمنتج المحلي، إضافة لانتشار الفساد المالي والإداري في دوائر القطاع العام، وهو الأمر الذي تسبب في زيادة حجم البطالة، وبالتالي اكتملت جميع أركان التضخم الركودي في السودان، ويرى فتحي أن السبب الرئيسي للأزمة الاقتصادية الحالية هو تدني حجم الصادرات بمستوى أقل من الواردات مشيرا إلى أن تدني الصادرات ناتج عن السياسة المالية المتمثلة في زيادة الرسوم والضرائب والجمارك مما رفع من تكلفة الإنتاج، فضلا عن الزيادة الكبيرة في تكلفة الترحيل وجبايات الطرق وهو ما دفع كثيرا من المنتجين إلى الخروج من دائرة الإنتاج، لافتا إلى أن ذلك تسبب في شح الكميات المعروضة من الدولار لدرجة أنه أصبح لا يلبي الطلب القائم عليه وإن كان قليلا، لذلك فإن انخفاض قيمة الجنيه السوداني الدائم منطقي وسوف يستمر ما لم يتدخل البنك المركزي بالحصول على قرض أو وديعة دولارية، وهذا غير ممكن في الوقت الحاضر، أو عبر مبيعات ذهب تمكنه من التدخل و زيادة عرض الدولار في السوق بحسب حديثه، ويؤكد فتحي أن فترة استقرار قيمة الجنيه السوداني السابقة كانت نتيجة للصدمة التي أصابت السوق بعد ارتفاع رسوم الجمارك وانكماش الطلب الكلي على السلع المستوردة.
مهند عبادي