معلومات التواصل

السودان،الخرطوم،الرياض

متواجدون على مدار الساعة

 

 

عد أكاديميون وساسة ودبلوماسيون إعادة تسجيل منظمات وثيقة الصلة بأحداث إرهابية، انتكاسة دبلوماسية تنذر بإعادة اسم السودان إلى لائحة الإرهاب مجددا.

ولم تستبعد مديرة  مركز الدراسات الدبلوماسية جامعة الخرطوم دكتورة تماضر الطيب عودة السودان إلى المربع الأول متهما برعاية الإرهاب، بعد إعادة تسجيل منظمات محظورة دوليا.

وقالت لـ”استقصائي” إن  إعادة تسجيل  منظمة  صنفت من قبل المجتمع  الدولي باعتبارها مشبوهة أو لدى المؤسسات الدولية رأي  في  أنها  داعمة  للإرهاب بكل تأكيد  تعيد  السودان  إلى المربع الأول  وتتسبب في إحداث  توترات  بين  الخرطوم والمجتمع  الدولي .

شطب مشروط!

وأضافت  أن إزالة اسم السودان  من قائمة  الدول الراعية للإرهاب تمت وفقا  لشروط  من أهمها عدم دعم  الإرهاب الدولي،  لافتة إلى أن إعادة تسجيل منظمة  كـ”العون الإنساني والتنمية” ينذر  بالخطر  للعودة  إلى  الوراء  في تصنيف السودان  دوليا  ويعد انتكاسة  لمجهودات  الحكومة  الانتقالية وإهدارا للمجهود الذي تكلل  بشطب السودان من قائمة الإرهاب.

 

يذكر أن منظمة البر الدولية (منظمة العون الإنساني والتنمية حالياً) هي مؤسسة خيرية إسلامية وفرت موطئ قدم لتنظيم القاعدة في الولايات المتحدة ، مولت وحرضت الإرهاب الإسلامي في أماكن عديدة حول العالم تم إغلاقها من قبل حكومة الولايات المتحدة في عام 2002 ، وتم حظرها في جميع أنحاء العالم من قبل لجنة مجلس الأمن الدولي في عام 2002م .كما تم حظر مؤسسها عادل بترجي من قبل مجلس الامم الدولي للفترة 2004م -2013م .

ويعود تاريخ منظمة البر الدولية إلى عام 1987، عندما أنشأ عادل عبد الجليل بترجي لجنة البر الإسلامية (IBC) وكانت لها مكاتب في المملكة العربية السعودية وباكستان. وكان الغرض منها هو توريد الأسلحة والأموال للمجاهدين في أفغانستان ، وتسهيل هجرة الجهاديين إلى منطقة الصراع.

إعادة رغم “التفكيك”

وفي 3 سبتمبر 2022 أعلن المفوض العام لمفوضية العون الإنساني نجم الدين يوسف عبد الكريم قرارا إداريا برقم “28” قضى بإعادة تسجيل 23 منظمة، من ضمنها منظمة العون الإنساني والتنمية (البر الدولية سابقا).

وكانت لجنة إزالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو واسترداد الأموال العامة، أصدرت في 29 أكتوبر 2020 القرار رقم 401 والذي نص على إلغاء اتفاقية المقر مع منظمة العون الإنساني للتنمية، وتضمن القرار أيلولة جميع أموالها وممتلكاتها لصالح حكومة السودان وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي.

وجاء في نص قرار اللجنة أن المنظمة تعد إحدى الواجهات الإرهابية المعروفة باسم منظمة البر الدولة وتم تغيير اسمها لمنظمة العون الإنساني والتنمية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م .

منظمة البر الدولية

وفي عام 1992، اندمجت IBC مع مجموعة مقرها الفلبين والمعروفة باسم البر الدولية، والتي تشكلت من قبل صهر أسامة بن لادن محمد جمال خليفة ، وتم تأسيس الكيان الجديد ( منظمة البر الدولية)، باعتباره منظمة غير ربحية معفاة من الضرائب في ولاية إيلينوي في 30 مارس عام 1992.

وفي مايو 1993، ونسبة لقلق المملكة العربية السعودية من صلة المنظمة بالقاعدة أوقفت نشاطها في المملكة، واعتقل زعيمها عادل بترجي. و كانت تلك السابقة الأولى التي يتم فيها إغلاق جمعية خيرية إسلامية قبل أحداث سبتمبر.

و بعد ذلك بوقت قصير، استقال عادل بترجي من منصبه كرئيس للبر الدولية وأخذ دورا من وراء الكواليس. وخلفه في المنظمة إنعام أرناؤوط ، والذي كانت له علاقة وثيقة مع أسامة بن لادن منذ منتصف الثمانينيات .

مكتب الشيشان

وافتتحت منظمة البر الدولية في منتصف التسعينيات ، مكتبا في الشيشان، وكانت بمثابة قناة للدعم المالي والمادي لتنظيم القاعدة والمجاهدين الشيشان الذين كانوا ينشطون هنالك .

وفي تعليقه، على قرار المفوض العام، اعتبر عضو مجلس السيادة السابق رئيس لجنة إزالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو 1989 المجمدة محمد الفكي سليمان أن ما حدث في ٢٥ أكتوبر هو انقلاب مكتمل الأركان لذلك عمل على محو كل إنجازات الفترة الانتقالية ونقض قراراتها وهذه القرارات قليل من كثير، واعتبر الفكي أن الانقلاب أفرز أوضاعا غير طبيعية.

في عام 1998، عمل القائد العسكري لتنظيم القاعدة سيف الإسلام كموظف بـ منظمة البر الدولية في الشيشان. وفي الوقت نفسه كان مكتب منظمة البر الدولية في باكو، عاصمة أذربيجان، على اتصال وثيق مع خلية تابعة لتنظيم القاعدة في كينيا التي قامت بتفجيرات عام 1998 للسفارة الولايات المتحدة في نيروبي.

حظر أمريكي

في أعقاب هجمات 11/9، جمدت حكومة الولايات المتحدة أصول منظمة البر الدولية وبدأت إجراءات قانونية ضد أحد مؤسسيها ومديريها والمدعو إنعام أرناؤوط. وعلاوة على ذلك، عثرت الحكومة على أدلة على أن الأموال التي كانت تجمعها منظمة البر الدولية تم إرسالها إلى تنظيم القاعدة لغرض شراء الأسلحة ونقل الإرهابيين في جميع أنحاء العالم. وبتفتيش مكاتبها في الينوي في ديسمبر 2001 م، كشف المحققون الفيدراليون الوثائق التي شملت ما يلي:

(أ) مسودات مكتوبة بخط اليد باللغة العربية تشير إلى أن مقر منظمة البر الدولية في كرواتيا أنشئ “لعمليات الإغاثة ودعم الجهاد في البوسنة والهرسك”، ويحث أنصاره على الاسهام مع إخوانهم المجاهدين لصد الهجوم الصليبي الصهيوني على أراضي المسلمين”.

(ب) مذكرة مكتوبة بخط اليد، تقول “بغض النظر عن مدى سوء / مرض” المدنيين في موقع معين فإن الأولوية الأولى هي لنقل المساعدات الى المجاهدين

(ج) ايصالات (من 1994 و 1995) لشراء لوازم (مثل البطانيات ، والأحذية، والزي ، والخيام، محطات الاتصال ، وسيارة إسعاف ) تشير إلى أن منظمة البر الدولية كانت قد تبرعت بها للجيش البوسني.

وعلى ضوء هذه النتائج، أغلقت الحكومة الامريكية أنشطة منظمة البر الدولية في أمريكا.

التماهي مع الفلول

وطبقا للمحامي معز حضرة فإن الخطوة غير قانونية وتمت تحت إشراف سلطة انقلاب 25 أكتوبر ، وأنها تأتي في إطار  العودة إلى الوراء إلى زمن الإنقاذ ، فهي تتماهى مع فلول النظام، والانقلابيين، وأصبح ذلك جليا بعودة قيادات النظام البائد محمد طاهر ايلا وعلي كرتي.

وأضاف أن هذه المنظمات مشبوهة، وعليها بلاغات في نيابة الثراء الحرام، كان يجب الاستمرار في هذه البلاغات خاصة وأنها معروف كيف يتم تمويلها وما يحدث خلل كامل في المنظومة العدلية مخالف لكثير من القوانين والوثيقة الدستورية .

في مارس 2002، داهمت السلطات في البوسنة والهرسك مكاتب سراييفو لـ منظمة البر الدولية، ووجدت أسلحة ، وشراك خداعية، جوازات سفر مزورة، تعليمات لصنع القنابل، أقراص حاسوب صلبة وأقراص مدمجة، وقائمة بالسعوديين الراعيين للمنظمة، ورسائل مكتوبة بخط اليد متبادلة بين أرناؤؤط وأسامة بن لادن ، ووثائق تظهر أن أرناؤوط قد اشترى أسلحة لتوزيعها على معسكرات للقاعدة والمجاهدين الآخرين. وعلاوة على ذلك، اعتقلت الشرطة البوسنية مدير مكتب منظمة البر الدولية في سراييفو عميل المخابرات البوسني السابق منيب زاهيريك ، والذي سلم ما يقارب الـ 100 وثيقة بالغة السرية عن الإرهابيين الأصوليين الناشطين في البوسنة، وتشمل الاتصالات بين إدارة منظمة البر الدولية وكبار قادة تنظيم القاعدة ومقرها في أفغانستان.

تمويل الإرهاب

في 19 نوفمبر 2002، أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية رسميا أن منظمة البر الدولية ممول للإرهاب. بالإضافة إلى الأدلة التي سبق ذكرها، قالت الوزارة أنّ منظمة البر الدولية قد قدمت الدعم اللوجستي المباشر في عام 1998 إلى ممدوح محمود سالم، زميل بن لادن في تأسيس تنظيم القاعدة وايضا ارتبطت المنظمة بمحمد لؤي بايزيد، الذي تورط في قضية تفجيرات السفارة الأمريكية ، وفي الحصول على أسلحة لصالح بن لادن في الفترة من 1993-1994،كما أن سيف الإسلام المصري، وهو عضو في مجلس الشورى لتنظيم القاعدة، عمل كموظف في مكتب المنظمة بالشيشان.

حظر دولي

ونسبة لسجلها الواضح كواجهة لتنظيم القاعدة، تم حظر منظمة البر الدولية في جميع أنحاء العالم من قبل لجنة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وهنالك نشرة للانتربول بتنفيذ ذلك.

ويعود إدراج اسم السودان على قائمة الإرهاب إلى سلوك النظام السابق في الخرطوم، والذي أطيح به عقب احتجاجات شعبية في عام2019م.

ويعود تاريخ منظمة البر الدولية في السودان إلى مايو بداية 1991م وخلال سنواتها العشر الأولى امتد نشاطها لتشمل معظم الولايات التي كانت متأثرة بحرب الجنوب ، وامتد نشاطها خارج البلاد إلى العديد من الدول الأفريقية كتشاد والصومال ونيجريا وكينيا واثيوبيا إضافة إلى اليمن ، وكانت كل تلك المكاتب الفرعية تدار من السودان .

الاستثمار في السودان

ونتيجة لتداعيات حرب الخليج اتجهت المنظمة نحو الاستثمار المباشر (مدارس القبس، شركة بايو للاستثمار ،شركة سريال ،شركة صندل) وغير المباشر من خلال الاستثمار في أسهم الشركات (سوداتل ، بنك الشمال) وكان عادل بترجي عضواً في مجلس إدارة شركة سوداتل وعضواً ثم رئيساً لمجلس إدارة بنك الشمال الإسلامي واستقال بترجي بعد صدور قرار مجلس الأمن بتجميد أصوله وبعد ذلك استقال اثنين من موظفي منظمة من مجلس إدارة البنك هما د. خالد أحمد محمد صالح وعباس منير مصطفى، واستمر المدير المالي لعادل بترجي اليمني محمد يحي محمد الجالدي عضوا في مجلس الإدارة .

بعد صدور قرار مجلس الأمن بتجميد أصول منظمة البر الدولية ، نقلت ملكية أموال المنظمة إلى أفراد في مدارس القبس، وتم نقل أسهم بنك الشمال إلى شركة بايو وأسهم سوداتل إلى أمين منظمة العون الإنساني والتنمية ولكن ظل عادل بترجي يعمل من خلف الكواليس موجهاً ومشرفاً .

بعد إلغاء الحظر على عادل بترجي من قبل مجلس الأمن لادعائه بأنه قد استقال من منظمة البر الدولية مع أن الواقع عكس ذلك – لا زال الحظر مستمراً من وزارة الخزانة الأمريكية-

دروب الوقفية

عاد بترجي إلى الواجهة بقوة وأنشأ جسما جديدا أسماه شركة دروب الوقفية وحول إلى الجسم الجديد أصول وأموال منظمة البر الدولية (مدارس القبس وأسهم بنك الشمال وأسهم سوداتل) والتي كان من المفترض أن تكون مجمدة وتحت وصاية الحكومة.

وفي عام 1998 أسفرت الهجمات على سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام عن مقتل أكثر من 220 شخصاً وإصابة الآلاف بجروح.

وقبيل شطب اسم السودان من القائمة الأمريكية السوداء، في أكتوبر 2020، أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن السودان دفع مبلغ 335 مليون دولار متفقا عليه كتعويضات لعائلات ضحايا هجمات سابقة ضد الولايات المتحدة ضمن اتفاق لسحب اسم البلد العربي الأفريقي من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.

تعويضات الضحايا

وقدمت الحكومة الانتقالية في الخرطوم الأموال للناجين والضحايا الأمريكيين الذين سقطوا في الهجومين على سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا عام 1998 اللذين نفذهما تنظيم “القاعدة” الذي كان يدعمه رئيس السودان السابق عمر البشير.

وقال بلينكن في بيان “نأمل أن يساعدهم ذلك في إيجاد بعض الحلول للمآسي المروعة التي حدثت”. وتابع “بوضع هذه العملية الصعبة وراء ظهورنا، يمكن أن تبدأ العلاقات الأمريكية السودانية فصلا جديدا”. وأضاف “نتطلع لتوسيع علاقتنا الثنائية ومواصلة دعمنا لجهود الحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيون في تحقيق الحرية والسلام والعدالة للشعب السوداني”.

وتغطي هذه التعويضات أيضا الهجوم الذي نفذه تنظيم القاعدة ضد المدمرة كول قبالة سواحل السودان ومقتل الموظف في مجال التنمية والإغاثة جون غرانفيل في الخرطوم في 2008.

وترتبط المطالبات الأمريكية بدفع السودان لهذه التعويضات بأن السلطات السودانية حينها بقيادة البشير كانت تؤوي زعيم التنظيم أسامة بن لادن في السودان بين العامين 1992 و1996.

وتعهد رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك بطي الصفحة عبر إنهاء النزاعات وتوفير فرص اقتصادية، كما وضع استعادة العلاقات مع الولايات المتحدة كأولوية مع استلامه منصبه في 2019.

 

 

  إدريس عبدالله

 

 

Share:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *