معلومات التواصل

السودان،الخرطوم،الرياض

متواجدون على مدار الساعة

 

 

هو نوع من أنواع الغناء وأحد فروع ثقافة الهيب هوب الرئيسية. وهو ترديد الأغنية بقافية معينة، ويعد نوعا من التلاعب بالألفاظ، ويقع في منطقة رمادية بين الشعر والغناء والنثر.

نشأة الراب

في بداية سبعينيات القرن الماضي ظهر في الأحياء التي تسكنها المجموعات الزنجية الفقيرة مثل حي برونكس  بمدينة نيويورك في أمريكا فن  جديد (يسمي فن الراب) وهو ذو لونية موسيقية مختلفة من باقي أنواع الموسيقي السائدة.

استخدموا هذا الفن للتعبير عن حالتهم والمشكلات التي يعانون منها مثل العنصرية والاضطهاد وعن الظلم و البطالة والفقر، وتناولوا هذه القضايا بصورة صريحة ومباشرة.

 فن العصابات

بسرعة كبيرة وفي زمن وجيز انتشر فن الراب في باقي المدن بأمريكا وخصوصا الأحياء الفقيرة  التي يسكنها الزنوج، وفي فترة ما أطلق عليه فن العصابات، ذلك لأنه لا يخلو أحيانا من الشتائم، لكن مع ذلك استطاع أن يقدم محتوى معارضا لسياسة الحكومة الأمريكية العنصرية تجاه الزنوج.

لم تسلم المجموعات التي تؤدي فن الراب من بطش الشرطة وتذمر البيض بعد ما أحدثتة من تطور في  أدوات الرفض والمعارضة تجاه الظلم الذي يتعرضون له، فقامت الحكومة بمصادرة أعمالهم الفنية (الألبومات) واعتقالهم.

ولم يقتصر الراب في أمريكا على الجانب السياسي فقط بل تناول باقي الجوانب الأخرى مثل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

برزت فعالية الراب في الجوانب السياسية والاقتصادية معا حيث يتناول المواضيع  بلغة بسيطة ومفهومة مع إيقاع موسيقي سريع.

دخوله إلى السودان:

نسبة للتأثير الكبير والتغير  الذي أحدثه فن الراب وتناوله للقضايا بصورة جريئة تجاوز الحدود الجغرافية لأمريكا وانتشر  في جزء كبير من قارات العالم خاصة قارتي آسيا وأفريقيا والمغرب العربي ودول الشرق الأوسط ودول شمال غرب وشرق أفريقيا.

دخل فن الراب السودان في بداية التسعينات  عن طريق أبناء السودانيين في دول المهجر.

ثقافة دخيلة

بدا الراب في بادئ الأمر، ثقافة غنائية موسيقية دخيلة على المجتمع السوداني  فلم يحظ بالقبول بين السودانيين خاصة من قبل من تجاوزت أعمارهم العشرين، وواجه مقاومة من قبل النقاد الموسيقيين آنذاك لأنه يتعارض مع الإرث الغنائي المعتاد وأنه لايتفق مع التراث السوداني الأصيل ويتطرق إلى موضوعات يصفها المجتمع بـ”الفارغة”، كما أنه يميل إلى الشتائم.

رغم معارضة فكرة فن الراب إلا أنها وجدت قبولا واسعا في أواسط الشباب والمثقفين لأنه يتناول الموضوعات بصورة جريئة إضافة إلى مواكبته للأحداث السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

وظهر تأثيرالراب جليا في الساحتين السياسية والثقافية بعد تناوله للقضايا الاجتماعية، وتعرض مروجوه لمضايقات من قبل السلطات الأمنية، إلا أنه لم يجد  مساحة في الوسائل الإعلامية الرئيسية كالإذاعة والتلفزيون وغيرها، فلجأ مؤدو الراب لنشر أعمالهم في مواقع التواصل الاجتماعي مثل “اليوتيوب، و الفيسبوك”.

وللراب إسهامات كبيرة في انتفاضة سبتمبر  2018‪ حيث ظهرت 3 أغنيات، منها “نحن مرقنا ضد الناس السرقو عرقنا” و وجدت رواجا واسعا بين السودانيين.

واستخدمت فيها هتافات الثورة مما جعل معظم مؤدي الراب يحبذون الراب السياسي الذي يتناول مشاكل ومعاش الناس وقهر السلطات للمواطن.

من هنا تشكلت فكرة إزعاج السلطات بفن الراب باعتباره من أدوات ووسائل الاحتجاج والمقاومة والقلب النابض للثورة خاصة لدى المتعاطين مع الأوضاع الاقتصادية وقوانين النظام العام وسياسة الحزب الواحد.

الراب وإسقاط الحكومة

فظهر مؤدو راب كثر في هذا الجانب من الداعمين لفكرة إسقاط الحكومة وتأسيس واقع  أفضل ومن أشهرهم ماو الصادق وآخرين اشتهروا بأغنية “لا للدكتاتورية لا لحكومة سيادية” التي حققت انتشارا واسعا، وظهر أيضا مؤدي الراب مصطفى عبدالسلام (اسكربيون) بأغنية “Revolution _ ثورة”، وأيضا من فناني الراب المشهورين والداعمين للثورة ضد نظام الجبهة الإسلامية مؤدي الراب الشهير بي سبستيان ومن أشهر أعماله “رافض، صوت الشارع، العنصرية لسه حية”، وكثير من مؤدي الراب لديهم مواقف وأعمال فنية ضد النظام تنتقد سياساته في العلن، وساهم ذلك في نشر  الوعي السياسي. وفي عام 2018 في شهر ديسمبر اندلعت احتجاجات شعبية في كل ولايات السودان وشارك مجموعة من مؤدي الراب بأغان تدعم الحراك الشعبي فأخرج المغني أيمن ماو أغنية “رصاصة حية” وتعتبر من الأغاني الحماسية الشهيرة وتعتبر بمثابة داعمة نفسية للثوار.

اعتقال مؤدين

وخرج المغني مصطفى عبدالسلام(اسكربيون) بأغنية “ثورتنا كلنا” والتي لقيت رواجا واسعا وبسببها تعرض للاعتقال.

وظهرت أيضا أغنية “تحت الرماد” يؤديها مجموعة من مغني الراب : محمد حامد و حوراء حيدر وأسمر خيري و إبراهيم بن البادية.

وأخرج المغني عماد “تو ماكس” أغنية تسقط بس” و أغنية”جيب طلقة في الرأس” .

بعد سقوط النظام لم تتوقف إسهامات مغني الراب في دعم  التغيير السياسي والاجتماعي  بل ظلوا يقدمون أعمالا تدعم مسيرة الانتقال الديمقراطي، حتى فترة انقلاب 25 أكتوبر 2021 ‪ الذي أطاح بحكومة الفترة الانتقالية، ووجد مقاومة كبيرة من السودانيين، فأخرج المغني ود المزاد أغنية “ترس” التي وجدت انتشارا واسعا بين كل الفئات، وأيضا المغني أشرف أخرج أغنية “الطامة”.

وما زال يعتبر فن الراب هو أحد أدوات التعبير عن السخط من الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية خاصة لفئة الشباب الذين ينشدون من خلاله قيم العدالة والحرية والمساواة ورفع الظلم.

على الرغم من تعدد المذاهب والاتجاهات في فن الراب إلا أنه يعتير وسيلة للتعبير عن سخطهم من الأوضاع في السودان وهذا ما جعل فن الراب يضع بصمة في ثورة ديسمبر المجيدة إلى هذه اللحظة.

  نجم الدين زاكي

Share:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *