اعتبر عضو مجلس السيادة السابق محمد حسن التعايشي أن تقديراتهم بالتزام المكون العسكري بتعهداته في الوثيقة الدستورية كانت خطأ ساذجا، لافتا إلى أن تأخير تكوين المجلس التشريعي الانتقالي، وتكوين الأجهزة العدلية والقانونية وعدم تسليم المطلوبين وعدم قيام مؤتمر نظام الحكم والإدارة وعدم إنشاء المفوضيات المستقلة كلها أخطاء نتحملها.
وقال في حوار أجراه معه إن بعض قادة الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا اختارت مصالحها الذاتية على حساب قضايا الحرب والسلام، لافتا إلى أن قضية السلطة والصراع السياسي مثل عندهم الأولوية أكثر من القضايا الجوهرية التي جرى عليها التفاوض.
ونفى بشدة ما تردد على لسان رئيس حركة العدل والمساواة وزير المالية جبريل إبراهيم حول الاستثناءات التي منحت للحركات المسلحة، مؤكدا على عدم وجود أي نصوص في الاتفاقية تتعلق بالمسائل الخاصة بالمجموعات عدا الخاصة بالأحكام الغيابية ومصادرة الأملاك.
وأبدى استغرابه من الحديث الدائر حول أن الاتفاقية كانت بمثابة صفقة بين النخب والجنرالات، وذكر أن اتفاق جوبا ناقش قضايا جوهرية، وأضاف : أي حديث حول أن الاتفاق لم يناقش جذور الأزمة يعد تناقضاً، وجاء ذلك في الحوار التالي :
نعم، اتفاقية جوبا خاطبت قضايا السودان ذات البعد القومي في (٣٢) مادة ضمن بروتوكول القضايا القومية، في ذات الوقت خاطبت قضايا الظلم التاريخي في دارفور، جنوب كردفان/جبال النوبة، النيل الأزرق وشرق السودان في برتوكولات أو مسارات منفصلة تحكمها أحكام ختامية قانونية واحدة، وهي في ذات الوقت لم تتجاهل القضايا ذات الخصوصية في وسط و شمال السودان (البيئة، استخدامات الأراضي،الآثار، السدود، المشروعات الإنتاجية القومية، الكنابي وغيرها). الاتفاقية حاولت أن تعالج قضايا مناطق مختلفة مع حركات متعددة ومختلفة في منبر واحد!! الأمر الذي لم يحدث في أي من الاتفاقات في تاريخ السودان منذ اتفاق أديس أبابا انتهاءً باتفاقية الدوحة والتي عالجت جميعها قضايا مناطق منفردة ومع أحزاب منفردة باستثناء نيفاشا التي حاولت أن تعالج إلى جانب قضايا الجنوب قضايا المنطقتين وأبيي في برتوكولات منفصلة ولكنها في ذات الوقت كانت مع تنظيم واحد هو الحركة الشعبية لتحرير السودان وحتى ذلك حدث بعد احتجاجات معلومة وقتها من مالك عقار وآخرين أثناء المفاوضات في نيفاشا. اتفاقية جوبا من حيث القضايا والظروف التي وقعت فيها تعد اتفاقية متفردة.
القضايا الجوهرية التي تفاوضنا عليها لمدة عام ونصف هي في الحقيقة تمثل جوهر قضايا الحروب والمظالم التاريخية، اتضح أنها لا تمثل أولوية وأن الالتزام بها كان التزاماً شكلياً وليس مبدئياً لمعظم قادة الحركات المسلحة، بالقدر الذي تمثله القضايا الذاتية كالسلطة والصراع السياسي..
أعتقد هذا السؤال يفتقر إلى مفهوم الترتيبات الأمنية كما ورد في الاتفاق، وظاهرة عدم الإلمام بالموضوعات الرئيسية للاتفاقية ظاهرة لاحظتها في نقاشات مع أعداد كبيرة من السودانيين عن الاتفاقية. الترتيبات الأمنية واحدة من أهم البرتوكولات لا تتحدث عن مرتبات قبل إجراءات الفرز والتدريب والدمج وهي محددة بوضوح في الاتفاقية لمن أراد أن يطلع عليها.
وجود المكون العسكري في الحكومة الانتقالية حددته الوثيقة الدستورية و اتفاقية جوبا لم تتطرق إلى ذلك في أي من نصوصها، أما قضية التفاوض وإدارة عملية السلام فهذا موضوع تمت إدارة نقاش طويل حوله شارك فيه كل شركاء الفترة الانتقالية خلص إلى ضرورة مشاركة الجميع في هذا الملف المهم والمعقد، لقد شارك كل من مجلس السيادة والوزراء والحرية والتغيير في وضع وإجازة واعتماد أوراق الموقف التفاوضي للحكومة الانتقالية وكل ملف من الملفات الخمس، الحكم والإدارة، الموارد الاقتصادية وقسمة الثروة، الملف الإنساني، الترتيبات الأمنية واللجنة القانونية كل هذه اللجان برئاسة وزير مختص وعضوية ممثلين فنيين مختصين من الوزارة وممثلين عن الحرية والتغيير منذ أن بدأت الحوارات في أكتوبر ٢٠١٩ حتى أكتوبر ٢٠٢٠. كل القرارات التي تتعلق بالموقف التفاوضي وأسماء المفاوضين تم تداولها ومناقشتها والاتفاق عليها وإصدار قرارات بشأنها من قبل المجلس الأعلى للسلام الذي يمثل (مجلس السيادة، مجلس الوزراء، الحرية والتغيير والخبراء)
الاتفاقية نفسها قبل التوقيع عليها عُرضت على كل هذه المكونات ونوقشت واتخذت قرارات بشأنها تتوفر الوثائق اللازمة بكل هذه الحقائق وقلتها شخصيًا أكثر من مرة. وأعتقد هذه هي الطريقة المثلى لإدارة ملف مهم مثل ملف السلام خلال فتره كانت معقدة مثل الفترة الانتقالية، لا يمكن أن أتخيل أن يتم اتخاذ قرارات مثل فصل الدين عن الدولة، العودة للحكم الإقليمي، تمديد الفترة الانتقالية، تعديل الوثيقة الدستورية، تخصيص موارد مالية للتنمية وإعادة الإعمار، هيكلة وإصلاح المؤسسة العسكرية، المشاركة في السلطة، تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية وغيرها من الموضوعات الرئيسية دون إقرارها من مكونات الفترة الانتقالية، العكس تماماً ملف السلام هو الملف الوحيد الذي اتفق الجميع على إيجاد صيغة مثلى تمكن كل مكونات الفترة الانتقالية من الانخراط في نقاشاته.
الحقيقة أن اتفاق جوبا أدى إلى تشكيل حكومة ذات تمثيل عريض وتحظى بتأييد شعبي هو الأكبر في تاريخ السودان، كما أن الاتفاقية ساهمت في المزيد من التواصل مع المجتمع الدولي ورفع العقوبات التي كانت مفروضة بسبب الحروب في تلك المناطق ومنحت أملاً لسكان المناطق التي عانت من الحروب والظلم التاريخي بأن قضاياهم هذه المره ليست ككل المرات التي أعقبت الثورات السابقة لقد حظيت باحترام ومنحت أولوية وتمت مخاطبتها. المؤسف أن بعض قادة الحركات وبالطبع المكون العسكري انقلبوا على كل التعهدات المكتوبة والمنصوص عليها في الاتفاقية، فالتحول الذي تم من قيادة الحركات يتعارض تمامًا مع نصوص الاتفاق، ليس هي المرة الأولى التي ينقلب فيها النخب على التعهدات كما وصف ذلك مولانا أبيل ألير ولكن هي المرة الأولى التي يؤدي إشراك القوى المسلحة في السلطة إلى التمرد عليها!! ببساطة لقد اختار قادة بعض الحركات مصالحهم الذاتية على حساب قضايا الحرب والسلام.
لا يوجد في الاتفاقية أي نصوص تتعلق بالمسائل الخاصة بالمجموعات أو الأفراد ماعدا المواد (١٧.١)،(١٧٠٢)، الأولى تتكلم عن الأحكام الصادرة غيابياً في حق قيادات الحركات ماعدا قضايا الحق الخاص، والثانية تتحدث عن الأملاك المصادرة، أما الذين يتحدثون عن إعفاءات او غيرها قطعاً ليس صحيحًا بنص الاتفاق. كما أن الاتفاقيه حددت بوضوح المؤسسات التي تودع فيها الأموال الخاصة بتنفيذ بنود الاتفاقية ( الصندوق القومي لدعم السلام والتنمية المستدامة) مؤسسة مستقلة تنشأ بالقانون وهي الجهة الوحيده التي تودع فيها الأموال والتي تسعى إلى حشد الدعم الخارجي لتمويل السلام.
نفس الذين قالوا بهذا الحديث قالوا إن الاتفاق لم يناقش جذور الأزمة وهذا هو التناقض عينه، الحقيقة أن المادة (٩) من برتوكول القضايا القومية تحدثت عن المؤتمر الدستوري بشكل واضح من يقولون بذلك عليهم بالاطلاع على نص المادة هذا من ناحية، أما من الناحية الأخرى فإن تصور المؤتمر الدستوري كاجتماع عام يعقد في قاعة من قاعات الخرطوم خطأ وهو تصور قديم لا يستجيب للتطلعات الحديثة لصناعة الدساتير، المؤتمر الدستوري وصناعة الدستور هو عبارة عن عمليات مستمرة ومتراكمة وأن اتفاقيات السلام واحدة من آليات صناعة الدستور، هناك تجارب كثيرة من حولنا في عمليات بناء السلام وصناعة الدستور علينا التعلم منها.
ما ذكرته أعلاه وفي أكثر من مناسبة هي الحقائق التي أعرفها وعملت عليها وبالتالي لست مؤهلاً للإجابة على هكذا سؤال، الذين شاركوا في انقلاب ٢٥ هم الأجدر بالإجابة، لقد شاهدتهم في عشرات الحوارات ولم أجد أحداً سألهم هذا السؤال المهم، سلام جوبا قام وفق شروط إقليمية ودولية معلومة، اليوناميد كانت تمثل سكرتارية التفاوض وفيما بعد اليونتامس، ودولة جنوب السودان تمثل الوساطة، الاتحاد الإفريقي، الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي والترويكا يمثلون المراقبين المباشرين، مجموعة القانون الدولي العام والسياسات يمثل الاستشارة القانونية العملية، جميع جلسات التفاوض التي استمرت مدة عام وثلاثة أشهر مدونة ومسجلة تقريبًا والاتفاقية نفسها تم التوقيع على شهادتها من دول الترويكا، الاتحاد الأوربي، قطر، الإمارات، مصر، السعودية و تشاد.
لقد تم الانقلاب لأن طرفًا في الوثيقة الدستورية وآخر في اتفاق جوبا نقضوا العهد والقسم الذي أدوه أمام الله و الشعب وخانوا الأمانة هذا هو الذي أعرفه وفي انتظار من يعرف غير ذلك.
الحركة الشعبية بقيادة القائد عبدالعزيز الحلو رفضت الجلوس في طاولة واحدة مع تنظيمات الجبهة الثورية رغم المجهودات التي بذلها الوسطاء و الأمريكان وقد تمت دعوتهم إلى ورشة أديس أبابا التي حضرها من الحكومة شخصي والسيد محمد الفكي وحضرتها جميع الحركات المسلحة ماعدا السيد عبدالواحد، والتي كانت تعنى بالترتيب والتحضير الفني للمفاوضات، ولكن ظل السيد عبدالعزيز. في حوار رسمي ومنفصل منذ بداية المفاوضات حتى قبيل انقلاب ٢٥ أكتوبر. قضايا الاتفاق والخلاف مع الحركة الشعبية معلومة بالضروره، أما السيد عبدالواحد فهناك محاولات متعددة ومتكررة من بينها اجتماع باريس مع السيد رئيس الوزراء عبدالله حمدوك
المطالبة بتعديل أو إلغاء الاتفاق تعد ضمن ردود الأفعال حيال موقف بعض قادة الحركات المسلحة من الانقلاب، أو نتيجة للممارسات الشائهة والقبيحة ، وللأسف كلها تنسب للاتفاق.
وما يجدر ذكره أن الاتفاقية نفسها في المادة (٣) و (١٦) من الأحكام القانونية أوضحت إمكانية التعديل وكيفية التعديل هذا من ناحية عامة، لذلك لابد من الاطلاع على نصوص الاتفاق وقضايا الحرب والسلام و الظلم التاريخي هي قضايا جادة وحقيقية يجب التعامل معها بصدق وأمانة بعيداً عن التحريض، وموقف قادة بعض الحركات من الانقلاب خطيئة، والاتفاقية صممت لتسير مع الانتقال الديمقراطي ،هذه هي الاتفاقية التي فاوضت شخصيًا من أجلها وشهد عليها العالم وأشهد عليها الآن، ولم نتفاوض من أجل اتفاق سلام يعيش في جلباب الانقلابات العسكرية.
اعتقد العكس هو الصحيح، واحدة من مشكلات اتفاق جوبا أنه استغرق وقتاً طويلاً اكثر مما ينبغي حتى من الوقت المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية، لا يمكن أن تصف اتفاقا تم التفاوض عليه لمدة عام ونصف تقريباً بالمتعجل. مشكلة الاتفاق هو الذين وقعوا عليه وليس نصوص الاتفاق.
لا أتفق مع هذا الحديث سواء قاله الحلو أو لم يقله، اتفاق جوبا ناقش قضايا جوهرية، نظام الحكم وتوزيع السلطات بما في ذلك الحكم الذاتي للمنطقتين، قسمة الثروة وآليات توزيع الموارد، مفوضية قسمة وتخصيص الموارد والصندوق القومي للعائدات. قضايا بناء الجيش الواحد وآلياتها، قضايا الأراضي والحواكير والبيئة، العدالة الانتقالية بكل مستوياتها، قضايا الهوية والمواطنة المتساوية والنوع ومكافحة العنصرية واللغات السودانية والتعليم بما في ذلك مفوضية الحقوق والحريات الدينية، قضايا تنمية الرعاة والرحل والمزارعين…الخ.
معظم الذين يقولون بهكذا حديث إما أنهم لم يطلعوا على الاتفاقية وهم كثر، أو تعمدوا تشويه الاتفاق أو حاكموا الاتفاق بناءً على ما أظهره بعض قادة الفصائل الموقعة عليه من تصرفات ومواقف تتناقص مع روح الثورة والديمقراطية وقضايا الحرب والسلام.
هذه أخطاء نتحملها بشجاعة، وتقديراتنا بالتزام المكون العسكري بالشراكة كانت خطأ ساذجا”. نعم لكل تجربة أخطاؤها، لكن الاعتراف بها والاعتذار عنها واجب، فتأخير تكوين المجلس التشريعي الانتقالي، وتكوين الأجهزة العدلية والقانونية وعدم تسليم المطلوبين وكذلك قيام مؤتمر نظام الحكم والإدارة وعدم إنشاء المفوضيات المستقلة كلها أخطاء نتحملها.
حاوره لـ
استقصائي اختتم رئيس اللجنة الرفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي المعنية بالسودان،محمد بن شمباس اليوم الخميس جولة…
وصف المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو اللقاء الذي جمعه مع نائب وزير الخارجية…
استقصائي استقبل نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي اليوم الاثنين المبعوث الامريكي الخاص للسودان…
استقصائي قالت تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية "تقدم"، إن الغرض من الاجتماع التحضيري للقوى السياسية…
استقصائي قالت الأمم المتحدة أمس أن الأمطار الغزيرة والفيضانات التي تعرض لها السودان مؤخراً…
استقصائي يُنتظر أن تشهد مدينة جدة السعودية مباحثات سودانية أميركية للتشاور بشأن مشاركة الجيش في…