شدد المجتمع الدولي مؤخرا من لهجة رفضه لانقلاب 25 أكتوبر، وبدا ذلك بحسب محللين سياسيين، في عدم الترحيب الواضح بسلطة الأمر الواقع، ومن خلال حديث الرئيس الأمريكي لإحدى قنوات التلفزة الأمريكية الذي ألمح فيه إلى عدم رغبة بلاده في سماع السلطة الانقلابية.
كما لفتوا إلى التصريحات الأخيرة للسفير الأمريكي بالخرطوم، والتي حددت بكل وضوح موقف واشنطن المؤيد للشارع الثوري ولمشروع الدستور المقترح من نقابة المحامين.
تناغم دولي
وكشف محللون سياسيون عن تنسيق وتناغم بين الآلية الثلاثية واللجنة الرباعية، نافين أي تقاطع بينهما حول رؤية كليهما للأزمة في السودان، في وقت شكك فيه آخرون في قدرة أي تحركات دولية على إحداث اختراق في جمود المشهد السياسي في السودان.
وانقسم محللون سياسيون استطلع (استقصائي) آراءهم حول توقعاتهم عن مخرجات التحركات الدولية التي تنشط هذه الأيام بغرض تحريك الجمود في المشهد السياسي، إلى فريقين، الأول بدا معارضا لأي تدخل دولي في الشأن المحلي، مشيرا إلى أن تلك التحركات لا ترغب إلا في تسوية يرفضها الثوار.
في حين توقع الفريق الثاني أن تساهم تحركات المبعوثين الدوليين وتصريحات السفير الأمريكي الأخيرة، في تليين المواقف إلى حد ما.
إعادة الفلول مرفوضة
وكان السفير الأمريكي بالخرطوم جون غودفري قال في تصريحات صحفية قبل يومين، إن هنـــاك حساســـية عاليـــة داخـــل السودان لأن بعض المرتبطين بالنظام القديم أعيـــدوا للمناصب في الحكومة .
وأشار إلى أن هنـــاك خطوات جاريـــة لتجديد الممارسات الإقصائية للنظام القديم وصرح هذا مـــا لا نؤيـــده ولا نتفـــق معه وذكر موقفنا أن الشعب السوداني أوضح أنه لا يريد أن يرى عودة حكومة عهد البشـــير أو القوى المشاركة في حكم البلاد خلال تلك الفترة.
وتابع نرغب في أن نكون الشـــريك الذي يختاره السودان، وهو هدف ذهبي بالنســـبة لنا، لكن مفتاح ذلك هو وجـــود حكومة جديدة بقيادة مدنيـــة و الإطـــار الدســـتوري الـــذي يستعيد المسار الانتقالي بالسودان.
وأضاف وكنت واضحاً فـــي ذلك خلال لقاءاتي بالحكومـــة العســـكرية والفاعلين المدنين، وأعتقد من المهم توضيح ذلك لأن هناك احتمـــالاً كبيراً لارتباك حول هذا الموضوع وزاد مبادرة نقابة المحاميين تطور إيجابي نعتقد أنه مقترح جاد يحظى بمصداقية ومشاركة مجموعات مختلفة، قد يساعد في تشكيل حكومة بقيادة مدنية متوافق عليها بشكل واسع.
عدم ترحيب
ويقول المحلل السياسي أحمد عابدين لـ”استقصائي” إن التحركات الدولية لإختراق المشهد السياسي ومحاولة صناعته وصناعة مواقف القوى السياسية والتحكم فيها لم يتوقف، حتى بدأنا نتساءل: أين وطننا المستقل سيادة وأرضاً وشعباً حيث لم يحدث ما يجري الآن لأي دولة حتى في عهد الاستعمار.
وأردف إن القوى السياسية بعجزها هذا ستستدعي الإسلاميين عن طيب خاطر في ذات اللحظة التي تشتكيهم للقوى الإقليمية وبهذا سنعود لحلقة الانتقام الأكبر في تاريخنا ووأد أحلام الملايين من الشباب الحالمين بوطن الديمقراطية والحرية ويستمر مد المبعوثين لتمزيق المشهد السياسي السوداني وليس اختراقه.
تقريب وجهات النظر
بالمقابل يرى المحلل السياسي محيي الدين محمد محيي الدين أن زيارة المبعوثين والتحركات الدولية تفهم في سياق أن الأوضاع في السودان تشغل بال الدول الغربية بشكل كبير لأن التصور الكلي للدول الغربية هو إحداث استقرار في فترة الانتقال في السودان حتى لا يحدث أي توتر أمني يستدعي الهجرة إليها.
وقال في حديثه لـ”استقصائي” إن هذه التحركات الفكرة الأساسية منها تقريب وجهات النظر بين القوى المختلفة ومحاولة لإيجاد فرصة لتلاقيهم وكسر حالة الجمود في المشهد.
وأضاف، ظن الجميع أن الآلية الثلاثية قبرت ومجموعة الأربعة ستدير العملية ولكن من الواضح أن هناك تفاهمات بين الاتحاد الإفريقي والإيقاد وبعثة يونتامس والرباعية.
وأردف، يمكن أن نقول إن هناك تغيرا في فهم الدول الغربية لطبيعة الصراع في السودان لأن تصورهم يقول إن الصراع بين كتلة مدنية موحدة مع المؤسسة العسكرية، ومن الواضح أن المسارات لتقريب وجهات النظر أصبحت واضحة في تحديد الإطار الدستوري والاتفاق حول الإطار الدستوري الذي سيحكم الفترة الانتقالية المتمثل في آلية ومعايير اختيار رئيس وزراء وإدارة الاوضاع الاقتصادية والاستعداد لقيام انتخابات حرة.
وقال هذه المسارات ستكون الحاكمة في أي عملية حوار تتم بين القوى المختلفة متوقعاً الوصول إلى تسوية سياسية في أقرب وقت.
فقدان شرعية
ولكن المحلل السياسي صلاح الدومة يرى أن التحركات الدولية للرباعية والثلاثية لإحداث اختراق في المشهد السياسي الجامد غير موفقة، وقال لـ”استقصائي” البرهان عندما زار بريطانيا وجد عدم ترحيب ولم يعامل كمعاملة رؤساء الدول الأخرى وفي أمريكا أيضاً تمت معاملته بطريقة أقل من عادية ولم يقابل أي مسؤول أمريكي بل انحصرت زيارته في القمة فقط .
وأشار إلى أنه فقد شرعيته في الداخل بانقلاب 25 أكتوبر وبدأ يبحث عنها بزياراته الخارجية، واصفاً ذلك بالفشل الكبير، وتابع، في القمة الأمريكية قال البرهان في خطابه إنه سيشكل حكومة كفاءات ولكنه نسي أن هذا الحديث مكرر لأكثر من 11 شهراً وحكومته لن تنال اعترافا من أي جهة وذكر أن الحل الوحيد يكمن في تنفيذ أقواله التي صرح بها لكن أفعاله تكذب أقواله وحان الوقت لكي يفي بتعهداته.
تسوية لإعادة المؤتمر الوطني
أما القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار فيقول إن هذه التحركات قديمة منذ اندلاع الثورة وهي التي أنشأت الوثيقة الدستورية، وتنشط هذه التحركات عندما يثور الشارع وحال لم يثر الشارع سيعترف المجتمع الدولي بالانقلاب، وأضاف هذه التحركات ليست من أجل الشعب بل من أجل مصالحهم الاقتصادية والسياسية لنهب الموارد، والثوار يعرفون هذا النواع من التكتيكات وسنهزم المؤمرات الدولية التي تقف مع العسكر وتريد إعادة الشراكة. وزاد، التسوية ستعيد الانقلاب إلى مربع المؤتمر الوطني.