معلومات التواصل

السودان،الخرطوم،الرياض

متواجدون على مدار الساعة

أوبئة وجوع في ظل انهيار النظام الصحي

استقصائي – وكالات

تواجه قطاعات واسعة من السودانيين معركة قاسية للبقاء على قيد الحياة، وُصفت بأنها قد تكون أخطر من ويلات الحرب نفسها، وذلك مع التفشي الكارثي للأوبئة والأمراض في ظل فشل حكومي وتراجع شامل في توفير سبل العيش الأساسية، بما في ذلك الدواء والغذاء.

أدوية بأثمان خيالية وسوق سوداء تنتعش

في مشهد يعكس عمق المأساة، قفزت أسعار الأدوية إلى أرقام فلكية، حيث بلغ سعر الجرعة الواحدة من محلول “البندول” الحيوي لعلاج حمى الضنك إلى 12 ألف جنيه سوداني. وكشفت تحقيقات “سودان تربيون” عن وجود هذا الدواء في ست صيدليات فقط بالعاصمة الخرطوم، معظمها في أم درمان.

وأكد الصيدلي هاني نصار أن سعر حبوب البندول يتراوح بين 2000 و3000 جنيه، لكنه أوضح أن سعر الجرعة الواحدة يصل إلى 10,000 جنيه في السوق السوداء، مع الإبلاغ عن حالات اشترى فيها البندول مقابل 40,000 جنيه.

ولمواجهة النقص الحاد، أشار مرضى إلى أن الصيدليات باتت توزع جرعة واحدة مبدئياً لمرضى حمى الضنك، على أن يتم صرف الجرعات المتبقية لاحقاً بعد إعادة التشخيص. كما رصدت “سودان تربيون ” طوابير طويلة أمام صيدلية الرومي بالثورة بأم درمان للحصول على الدواء، بينما وصل سعر أقراص علاج الملاريا إلى 4000-5000 جنيه.

 

بؤر وبائية وانهيار صحي

في مناطق مثل شرق النيل بخرطوم بحري وجنوب الحزام، يعيش الآلاف أوضاعاً إنسانية صعبة وسط انتشار حمى الضنك والكوليرا والملاريا. وقالت سهام رحمة الله، إحدى سكان شرق النيل، إن سوء الأوضاع الصحية ونقص الأدوية والغذاء دفع بعض العائدين إلى النزوح مرة أخرى.

بدوره، أكد أحمد يوسف محمد، عضو غرفة طوارئ الخرطوم، أن منطقتي جنوب الحزام و الكلاكلة تعدان من أكثر المناطق تضرراً من تفشي الكوليرا وحمى الضنك والملاريا، مشيراً إلى تسجيل إصابات يومية بسبب النقص الحاد في الأدوية. وشدد يوسف على “ضرورة دخول المنظمات الدولية إلى الخرطوم وإطلاق حملة واسعة النطاق لتنظيف العاصمة التي أصبحت بؤرة للأمراض.”

تقرح رسمي ومخالفات دوائية

من جانبه، أكد محمد بشير، أمين أمانة المجلس القومي للرقابة على الأدوية والسموم، رصد العديد من مخالفات الأدوية، وكشف عن ضبط منشآت صيدلانية تحتوي على أدوية غير مطابقة للمواصفات، واتخاذ الإجراءات القانونية بحقها.

وأوضح بشير أن المجلس يعمل على مكافحة الأدوية المهربة من خلال تعزيز الرقابة الدوائية في الولايات الآمنة، مشيراً إلى أن قانون الأدوية والسموم لسنة 2009 يعد “رادعاً وكافياً” لمكافحة تداول الأدوية غير المسجلة أو غير الآمنة.

السل يضيف إلى قائمة الأوبئة

وفي تطور خطير، أعلن مبارك الفاضل المهدي، رئيس حزب الأمة، عبر منصة “أكس” عن انتشار السل الرئوي بسبب المجاعة، مشيراً إلى أن مستشفى النو في أم درمان استقبل عدداً من المصابين. وأضاف الفاضل أن السل ينضم إلى قائمة الأوبئة المنتشرة في السودان، إلى جانب حمى الضنك والكوليرا والملاريا، وسط نقص حاد في الأدوية.

أرقام مفزعة

تكشف الأرقام الرسمية عن حجم الكارثة، حيث سجلت ولاية الخرطوم وحدها، الخميس الماضي، 74% من إجمالي 2065 إصابة بحمى الضنك في أربع ولايات أخرى، وفقاً لتقرير مركز عمليات الطوارئ الاتحادي بوزارة الصحة. كما سجلت 1194 إصابة بالكوليرا في 13 ولاية، بالإضافة إلى 44 حالة اشتباه بالتهاب الكبد الوبائي في ولاية الجزيرة.

وفي الوقت الذي يموت فيه الناس جراء الأوبئة والنزاع، تستمر الجهود الدبلوماسية الدولية في نيويورك للاتفاق على خارطة طريق لإنهاء الحرب الأهلية وإغاثة ملايين الجوعى في السودان، بينما تبقى المشاهد على الأرض شاهدة على واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *