معلومات التواصل

السودان،الخرطوم،الرياض

متواجدون على مدار الساعة

 

 

 

 

حدد القيادي في الحرية والتغيير، عضو لجنة إزالة التمكين المجمدة عروة الصادق، خمسة عوائق واجهت مهمة التفكيك خلال فترة عمل اللجنة، أبرزها قانونية تسبب فيها تعمد عدم تشكيل المجلس “التشريعي”، وتعطيل تسمية لجنة استئناف قرارات لجنة التفكيك.

كما تأثر “التفكيك” ـ بحسب عروة ـ  بعدم توفير المعينات والتمويل، حيث لم تخصص للجنة ميزانية.

وفيما لفت عروة إلى أن بعض المشتبه فيهم استخدموا سلاح الأسرة والقبيلة والعشيرة، أوضح أن قلة الإمكانات وضعف الخبرة أو عدم تفرغ الكوادر العاملة في تفكيك القطاعات تسبب في إقحام عناصر التفكيك في ملفات فرعية مما أهدر الجهود والموارد.

ولقطع الطريق على أي تمكين جديد ـ أوصى عروة ـ باتباع 4 خطوات، تتمثل في إلغاء ما يسمى بالوظائف الخاصة، والشروع الفوري في تكوين أولى المفوضيات، مفوضية الاختيار للخدمة المدنية التي يجب المرور بها إلزاما إلى أي موقع في مواقع الجهاز التنفيذي للدولة.

وأن يخضع الجميع إلى معايير متفق عليها أهمها المهنية والكفاءة والتخصص في المجال المحدد.

وأن تؤسس قاعدة بيانات تبين منسوبي النظام السابق تحجم تسلل الفلول إلى دولاب الدولة عبر تغيير جلودهم.

وحول تشخيص التمكين، وتحديد وسائل وآليات التفكيك، وما الخطوات التي يمكن اتباعها لعدم استبدال التمكين الكيزاني بآخر، أجرى (استقصائي) حوارا مع القيادي بالحرية والتغيير وعضو لجنة إزالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو 89 المجمدة، فإلى مضابط الحوار:

أولا، ألا تعتقد معي أن مهمة إزالة التمكين تتطلب تشريحا دقيقا للتمكين لتحديد شكله وطبيعته ومواطن وجوده؟

نعم بالتأكيد، فعملية التفكيك ليست عملية عشوائية أو مزاجية وإنما هي عملية تم تأسيسها وفق أطر دستورية وقواعد قانونية وتحكمها أسئلة جوهرية عن أي مسؤول يمكن أن يبقى؟ أي مسؤول يجب أن يرحل (أو يعزل أو تخفض درجته أو  يتم إعفاؤه)؟ وكذلك ما هي المؤسسات التي يمكن إصلاحها؟ وما هي المؤسسات التي يجب تفكيكها؟، كل هذا وضعت معاييره جهات مختصة في الخدمة المدنية وديوان المراجعة القومي ووزارات كالمالية والعمل والدفاع والداخلية من معلومات موثوقة وفرتها أجهزة المخابرات ومرافق الدولة المختلفة، وكل ما تم كان وفق بيانات دقيقة وقرارات لم تخضع للتصويت في اللجنة وإنما بإجماع أعضائها المدنيين والعسكريين وممثلي الوزرات والحكومة.

  • من خلال تجربة حكومة الثورة، وعلى الرغم من وجود لجنة إزالة التمكين، واجهت المسؤولين عقبات قانونية كثيرة، ومثال لذلك عندما اتهم الإعلام والي الولاية الشمالية بتعيين كيزان مديرين تنفيذيين، ردت بأنها حوصرت بالقانون حيث لا يمكنها إلا تعيين من هم في الدرجة الأولى وهؤلاء جميعهم كيزان، أفلا ترى أن بعض القوانين يجب أن تشملها إزالة وتحتاج إلى تعديلات بغرض التفكيك أو تيسير عملياته؟

بالتاكيد التفكيك ليس لمؤسسات وهياكل فقط وإنما يجب أن يشمل تشريعات وقوانين ولوائح ونظم تلك المؤسسات، وهو أمر ليس من اختصاص لجنة التفكيك وإنما من اختصاص الحكومة ومجلس وزرائها والبرلمان، فقد عكفت وزارة العدل في الفترة الانتقالية على تشريح كافة القوانين السودانية لمواءمتها مع التوجه الجديد للدولة وملاءمتها للتشريعات الدولية، ولكن دوما ما تقتصر الإجازة أو الطرح لمشروع القانون على مزاجية العسكر، وهو الأمر الذي تمت إعاقة تكوين المجلس التشريعي بسببه، لأن وجود المجلس التشريعي يعني تفكيك التشريعات والقوانين التي تعيق أعمال التحول الديمقراطي وتكبل قادة السلطة الانتقالية.

  • ألا تحتاج مهمة التفكيك لجهاز تنفيذي، متفرغ، له مكاتبه الفرعية التي يجب أن تنتظم في شبكة موازية لشبكة التنظيم المراد تفكيكه؟ بمعنى أن تقابل كل أمانة للتنظيم في المحلية لجنة تفكيك، وهكذا ؟

التفكيك عملية معقدة زاد من تعقيدها أخطبوطية النظام المباد الذي جعل من مؤسسات الدولة أمانات حزبية له، ومن مرافقها مكاتب إدارية للتنظيم والحركة، وفي رأيي ليس مهما الشكل وإنما المضمون والقيود التي يتحرك بها موظفو التفكيك أو عناصر عملية التفكيك لتحقيق أغراض وتوجهات الدولة في منع عودة النظام السابق وإزالة تهديدات المسؤولين التعسفيين وتأمين العمليّة الانتقاليّة عبر تعطيل الهياكل الإجرامية والتمهيد لبناء مؤسسات موثوقة، مع التأكيد التام على سيادة القانون.

  • في نظرك، كم تحتاج مهمة التفكيك من معينات ووقت؟

في رأيي قد أثبتت الأيام القصيرة التي عملتها اللجنة الأهمية والجدوى رغم انعدام

التمويل، ولا أقول شحه، فإلى إسقاط الحكومة لم تخصص ميزانية للجنة، وهو الأمر الذي أعاق أعمال اللجنة وأدى إلى تأخيرها في اتخاذ الكثير من القرارات، وقبل توفير المعينات والوقت الواجب سد ثغرات التفكيك على مستوى الحوكمة الاتحادية والولائية وتوفير الخدمات، التي تمثل عائقا كبيرا وتبدد وقتا ثمينا في أعمال التفكيك، فكثيرا ما يتم إقحام عناصر التفكيك ولجانه في ملفات فرعية وتبديد الإمكانات والموارد على قلتها، كما ظلت هناك مخاطر أمنية وزعزعة للاستقرار، هددت عملية التفكيك برمتها، لركون عدد من المشبته فيهم إلى سلاح الأسرة والقبيلة والعشيرة.

  • من خلال تجربتكم الماضية، ما الآلية المثالية لإنجاز مهمة التفكيك في أقصر فترة؟

في اعتقادي أن هذا يأتي ضمن برنامج شامل ينبغي أن تضطلع به الحكومة الانتقالية القادمة ومن يقفون الآن على عمليات استعادتها، وقد وضعوا عملية التفكيك ضمن العمليات التي تحتاج لنقاش عميق يجيب على الضروريات لإزالة التهديدات وتأمين العملية الانتقاليّة، ومن بينها لجنة التفكيك أو سمها ما شئت، وأن تكون ضمن عملية إصلاح شاملة بصلاحيات واسعة، من جهات مؤهلة ومدربة، بعد إعداد استراتيجية عملية تحدد ( الأولويات، النطاق، التتابع،…)، وتوفير كافة المعينات اللوجستية لها.

  • بعض مديري المؤسسات الذين عينتهم الثورة، وجدوا أنفسهم محاصرين بسياسات وأدبيات كيزانية، فساروا في درب التمكين نفسه، ولم يشهد عهدهم تغييرات ثورية تذكر؟

هؤلاء كما يقول المثل وجدوا (حبال بلا بقر)، وقلما بلا سلطة، وقد تم تعطيل التشريعات التي تمكنهم من إعمال سلطتهم، وهذا الأمر لم يقتصر على المركز فقط، بل إلى يومنا هذا السلطات الإقليمية والولائية تحد منها تشريعات مركزية تجهض توجه الدولة  الفدرالي.

  • ألا تتطلب مهمة التفكيك اجتثاث مؤسسات أنشئت خصيصا بغرض التمكين كصندوق دعم الطلاب مثلا، الذي يقوم إرثه على استقطاب الطلاب لصالح التنظيم؟

هذا التوجه سميه باللجان المتخصصة وقد تم تكوين لجان فرعية كالتعليم العالي والصندوق والطيران المدني ووزارات المالية والزراعة وغيره، ولكن شاب أعمال اللجان الفرعية بعض القصور لقلة الإمكانات وضعف الخبرة أو عدم تفرغ الكوادر العاملة في تفكيك تلك القطاعات، ولا بد من تخصيص لجان فرعية متخصصة في كل الملفات من أهل الخبرة والتخصص فهناك ملفات كالطاقة والبترول والتعدين وغيره تحتاج إلى مختصين يعلمون تفاصيل وخبايا تلك القطاعات، ومعلوم أن الصندوق الذي ذكرت كان (المفرخة) التنظيمية والسياسية والأمنية والإخوانية للحركة والتنظيم، وهو أخطر مؤسسات النظام المباد.

  • كيف يمكن تجاوز الوقوع في تمكين جديد بعد تفكيك القديم؟

أولى الخطوات التي يمكن قطع الطريق بها أمام هذا التمكين إلغاء ما يسمى بالوظائف الخاصة، وثانيها: الشروع الفوري في تكوين أولى المفوضيات، مفوضية الاختيار للخدمة المدنية التي يجب المرور بها إلزاما إلى أي موقع في مواقع الجهاز التنفيذي للدولة، وأن يخضع الجميع إلى معايير متفق عليها أهمها المهنية والكفاءة والتخصص في المجال المحدد، وأن تؤسس قاعدة بيانات تبين منسوبي النظام السابق تحجم تسلل الفلول إلى دولاب الدولة عبر تغيير جلودهم.

  • هناك علاقة مباشرة للتفكيك بالتعيينات الجديدة، فأين محل الأجيال التي تضررت من التمكين الكيزاني، وأليست الأحق من غيرها في عمليات الإحلال؟

هذا أمر ينبغي أن تتفق عليه أجهزة الدولة وألا يخضع للأمزجة والأهواء أو العاطفة، فالإنقاذ اتخذت نفس الإجراء بتمييز كوادرها وتمييز أسر ضحايا حرب الجنوب ومكنت بعضهم من أكثر الإدارات والوزرات خطورة، وهو أمر لا ينبغي أن تقع فيه الحكومة الانتقالية، والإنصاف الحقيقي يكون بتمكين المؤهلين من مفاصل الدولة ليشيدوا السودان الذي ضحى من أجله هذا الجيل.

  • قال نائب الرئيس المخلوع علي عثمان محمد طه في الحلقات التي نشرتها قناة العربية، إنهم يسنون القانون لخدمتهم، فإن اعترض مصلحتهم كسروه، ألا ترى أن مهمة التفكيك لا يمكن إنجازها بالشكل الأمثل في ظل سريان قوانين كيزانية؟

هذا ما أشرت إليه سابقا، فالتفكيك لا يجب أن يكون للمؤسسات والأفراد، وإنما على قوى الثورة مراجعة كافة القوانين والتشريعات واللوائح الداخلية لكافة مؤسسات الدولة التي تصل إلى آلاف النصوص، ومضاهاتها مع توجهات النظام الانتقالي والتشريعات الدولية، وأنظمة الدولة الحديثة، ما صلح منها يتم اعتماده وما لم يصلح إما عدلت نصوصه أو ألغي، وهو أمر ينبغي أن يضطلع به قانونيو وحقوقيو الثورة وفقهاء الدستور.

  • ما الثغرات التي في رأيك ـ تسللت منها الاتهامات بعدم قانونية عمل اللجنة، وكيف يمكن تلافيها مستقبلا؟

هي ليست ثغرات وإنما شبهات، أهمها أنها عطلت حق الاستئناف وأنها حرمت المتظلمين والمتضررين من قراراتها من الاستئناف وهو أمر غير صحيح، فرئيس اللجنة المناوب محمد الفكي سليمان ظل يطلب على الدوام في اجتماعات مجلس السيادة واجتماع المجلس التشريعي المؤقت بضرورة تكوين لجنة الاستئناف وقد قدمت الحرية والتغيير المرشحين لها إلا أن البرهان ظل يعطل تكوينها على الدوام، وذلك لتشويه صورة اللجنة، كما أن الاتفاق الخفي الذي استبان بعد الانقلاب بين سلطة الانقلاب ووزير المالية مع الفلول، وذلك بالقول بعدم استلام أصول وأموال مستردة لصالح وزارة المالية وضع اللجنة في موضع الشبهات، وصممت تبعا لذلك حملات كثيفة وصمت أعضاءها بالفساد والتورط في ملفات كان آخرها قبل السقوط ملف زبيدة الذي أدير باحترافية عالية لابتزاز أعضاء اللجنة، وغيرها من الشبهات التآمرية التي لا أتوقع أن تتكرر حال تم إحسان اختيار السلطة القادمة.

  • لا يشك، اثنان، في أن مهمة التفكيك، هي روح الثورة، وترتبط بشكل مباشر وغير مباشر بإرادة صادقة من أعلى هرم السلطة، أفلا ترى أنه من الضروري تسمية رئيس وزراء مؤمن بأهمية وأولوية التفكيك؟

ليس رئيس وزراء فقط بل كل قادة السلطة الانتقالية في السيادي والوزارة والمجلس التشريعي والمفوضيات وأجهزة الشرطة والأمن والجيش ما لم يؤمنوا بهذا المشروع لا أرى بضرورة بقائهم في السلطة، لأن هذا من أهم مبادئ الأمم المتحدة لمكافحة الإفلات من العقاب (1997م)، والتي من ضمنها: حلّ الجماعات والمؤسسات غير القانونية، وفصل (أو إحالة أو تفكيك) المسؤولين التعسفيين أو الفاسدين، وإعفاء المسؤولين المعيّنين بطريقة غير قانونية من مناصبهم، وهو ما سيمكننا من تهيئة البلاد للوصول لنظام ديمقراطي شفاف وحر ونزيه، وإلا فستعيق تلك الجماعات الغابرة التحول الديمقراطي وتبدد فرص التغيير.

استقصائي  حوار ـ عمار سليمان

Share:

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *