معلومات التواصل

السودان،الخرطوم،الرياض

متواجدون على مدار الساعة

 

معالجة نفسية: العلاقات الحميمة تقي من اكتئاب الشيخوخة

باحثة اجتماعية: عدم تحقيق الاشباع الجنسي للنساء يجعلهن “زاهدات”

 

 

بعد أن امتنعت عن فراش الزوجية، (عيب يا حاج، البنت اتزوجت)! لم يجد عطية الستيني بدا من الزواج بأخرى، فعلى الرغم من ستة عقود عاشها؛ إلا أنه كان موفور الصحة، كما وصفه ابن أخيه طه لـ”استقصائي” (عمله كمزارع وسط الحقول جعله محافظا على شبابه)

 

(أسماء المستطلعين من خيال المحرر، وأي تشابه بينها وأشخاص آخرين يأتي من قبيل المصادفة)

 

استقصائي (خاص)

تزوج الحاج عطية بعد أن تجاوز الستين وأنجب 7 من البنين والبنات من زوجته الثانية، وتوفي عن 85 عاما).

يفكر طه في الاقتداء بعمه، بعد أن امتنعت زوجته عن العلاقات الحميمة، في الوقت الذي يشعر بأنه مازال فتيا رغم تخطيه الستين بعامين.

ذبول تدريجي

 

امتناع الزوجات عن فراش الزوجية بعد الستين كان أمراً ملحوظا وسط من تحدث لهم “استقصائي”، ولا تختلف قصة “إبراهيم” كثيراً عن طه، إلا أنه لا يتشارك معه فكرة الزواج، واستسلم لغياب العلاقات الجنسية ببساطة.

(لا أعرف ماذا حدث بالضبط! ومتى) بدأت العلاقة تتناقص شيئا فشيئا حتى كادت تكون معدومة مع شريكة حياته. (ربما في بعض المناسبات فقط).

بالنسبة لـ”يحي” اختفاء العلاقات الحميمة لم يكن تدريجيا، نسبة لسفر زوجته للاستقرار مع ابنتها خارج البلاد، (يلتقون كل 6 أشهر لقاءات لا تخلو من العلاقة الحميمة).

يحيى الذي مازال يمارس مهنته الأكاديمية؛ يعتبر هذا الوضع مثاليا بالنسبة إليه.

الأمر يختلف بشكل كبير لدى السبعيني “فتحي”، الذي لم يغادر فراش الزوجية فحسب؛ بل قام بفصل المنزل وبات يعيش في عزلة كاملة عن الأسرة!

وقال لـ”استقصائي”: (نعيش كالإخوة تماما!)، في حالته لا يجد أي رغبة أو دافع لممارسة العلاقة الحميمة مع زوجته، ولم تمانع هي من انفصاله التام، (تم الأمر بهدوء ولم نتحدث عنه مطلقا).

 

أما قصة “سليمان” تشبه قصة الحاج إبراهيم بشكل كبير؛ تراجع تدريجي في العلاقة الحميمة، حتى بات أمرا توفره الظروف، ويحدث كل 3 أو 5 أشهر (غالبا بعد مغادرة الأبناء للمنزل متجهين لأعمالهم أو جامعاتهم).

انعدام الخصوصية

تتشارك العديد من النساء السودانيات صفة الحياء من استمرار الجنس بعد زواج أبنائهم، أو دخولهم الجامعات، ويعتبر انعدام الخصوصية أكبر الأسباب التي تؤدي إلى انتهاء العلاقات، وفق الباحثة الاجتماعية، ثريا إبراهيم.

 

المكان الخاص للأزواج يخضع لظروف منزل الأسرة، ويجب أن يتم توفيره حسب المستطاع كما تقول إبراهيم (حوش صغير، قطية، غرفة…إلخ)، فالخصوصية تسمح باستمرار العلاقة الحميمة بين الأزواج وتمنع عنهم التحرج من الأبناء.

 

وترى إبراهيم أننا الشعب الوحيد الذي لا يهتم بتوفير مكان خاص للأزواج، بينما تعتبر (غرفة النوم) مكانا مقدسا في الكثير من الثقافات الأخرى.

 

وتضيف الباحثة الاجتماعية: “الخصوصية تخلق العلاقة الحميمة، فهي تتيح الملاطفة، وتحرك الغريزة وتجعل الزوج يشتهي زوجته، جنسيا.

وحذرت إبراهيم من أن يؤثر انعدام الخصوصية على موت الرغبة خاصة لدى النساء مطالبة بضرورة الانتباه في تنشئة الأبناء بتعليمهم احترام خصوصية الآباء والدخول عليهم باستئذان، مؤكدة أن تعودهم على وجود مكان مخصص لآبائهم يحثهم على تطبيقها في حياتهم الخاصة مستقبلا.

 

(عدم وجود مكان خاص يجعل الأزواج يتسللون من أمام أبنائهم لممارسة العلاقة الحميمة، هذا يؤثر على استمراريتها).

 

لغة الجسد

ليست الأعراف والتقاليد هي المسبب الوحيد لامتناع النساء عن فراش الزوجية عند التقدم في العمر، فهناك مشاكل صحية مرتبطة بعملية الختان (بتر الأعضاء التناسلية) تؤثر على العلاقة الجنسية، وتحتاج المرأة وفق إبراهيم لوقت أطول من الإثارة والاهتمام لتحقيق الإشباع.

(عدم معرفة الرجل بلغة جسد المرأة يجعلها زاهدة في الممارسة الجنسية).

 

وأكدت الباحثة الاجتماعية أن كثيرا من النساء يواصلن في الحياة الزوجية وينجبن، إلا أنهن يشعرن بالإحباط من العلاقات الحميمة، مشيرة إلى ملازمة ذلك الإحساس لهن منذ أيام الزواج الأولى حتى الشيخوخة!

وطالبت إبراهيم الأزواج بضرورة إجراء حوار شفاف حول العلاقة الجنسية وتفهم خاص من الرجال لحاجة النساء لوقت أطول للإثارة والإشباع الجنسي، مشيرة إلى أن التغيرات في المهبل التي تحدث مع التقدم في العمر تتطلب معاملة خاصة ورفقا.

وعبرت إبراهيم عن سعادتها بما وصفتها تجارب سودانية ناجحة لأزواج احتفظوا بعلاقاتهم الحميمة وغرفهم الخاصة (حتى التي تعرضت لعملية بتر الأعضاء التناسلية يمكن أن تحقق إشباعها).

مساعدة خارجية

يتوقف الحاج إسماعيل يوميا أمام الصيدلية الأقرب لمنزله؛ بأحد الأحياء جنوب الخرطوم، ليحصل على حبة المنشط الجنسي، قبل عودته.

 

يتبادل ذات الأحاديث مع الصيدلانية، فضلت حجب اسمها، عن الضغوط التي يجابهها من زوجته حول العلاقة الجنسية. (لا تقدر أني منهك من العمل وأنا في هذه السن!)

ويضطر الحاج إسماعيل للقيام بذات المشوار يوميا خوفا من أن تجد زوجته حبوب المنشطات وسط أشيائه.

 

بالنسبة لعدد من القبائل السودانية، تقاس المكانة الاجتماعية للرجل بتعدده في الزوجات (من يملك زوجة واحدة في بعض مناطق دارفور لا يحق له الجلوس في مجالس الحل والعقد) وبقدرته على ممارسة الجنس واستمراره في الإنجاب.

 

قال أحد شهود العيان لـ”استقصائي” إن مكانة الرجل في بعض القبائل بجبال النوبة تهتز حال توقفه عن ممارسة الجنس (هذه معلومة لا يمكن تخبئتها هناك!) مؤكدا أن الرجل الذي يكون بقوته يتم تفضيله من ناحية الطعام والغطاء (يمنح بطانية في الشتاء بينما ينوم الأطفال بين الرماد الدافئ).

 

فور توقف الرجل هناك عن أداء مهام “الفراش” تقل مكانته الاجتماعية لأقل من مرتبة الصغار ويستطيع أي طفل أن يقوم بإرساله لجلب الماء مثلا، وهو قمة التقليل من كرامته (آبا “يا والد” جيب موية)!

 

الرجال الذين يعيشون في مجتمعات تصنفهم بأدائهم الجنسي يحرصون على معرفة كل الوصفات الطبية والشعبية التي تعينهم على الاستمرار في الفراش!

 

ويتبادل الرجال أسرار المقويات الجنسية سرا، بعضها شعبي (مثل القورو) والآخر طبي يصفونه بـ”المنشطات الحميدة” ويقصدون بها تلك المنشطات التي لا تكون بقوة (الفياجرا) ولا تسبب آثارا جانبية خطيرة، لمعالجة الاختلال الانتصابي.

 

لابد من مراعاة العديد من الأشياء قبل استخدام المنشطات الجنسية بحسب صيدلانية تحدثت لـ”استقصائي”، منها أمراض القلب، مع خفض الجرعات لمن يعانون قصورا كلويا أو كبديا، مشيرة إلى أن الإقبال على المنشطات يوصف بـ(الكبير).

(تتراوح أسعار الحبة الواحدة بين (80)ج لتركيز 50ملجم، و100ج لتركيز 100ملجم)

 

بعض الحبوب تكون بتركيز مختلف (25، 50، 100) ملجم، تؤخذ قبل ساعة من الممارسة الجنسية مع كميات كافية من المياه. وتنصح الصيدلانية بأن تستخدم الفئة العمرية من 65 عاما فما فوق أقل جرعة (25) ملجم، مع الانتباه لأن الزيادة أو النقصان في الجرعات يكون استنادا على الاستجابة، وعلى قياس مدى التعرض لأعراض جانبية في ذات الوقت!

 

لا ترتبط موانع استخدام الحبوب بالتقدم في العمر، فبحسب استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية والذكورة والعقم، يوسف تبن، فإن الأمر فردي جدا! ومضى تبن شارحا: قد يكون هناك شاب في الثلاثينات من العمر يتعاطى منشطات تؤثر على صحته، وآخر فوق الستين يتعاطى منشطات يومية لا تؤثر عليه سلبا مطلقا!

الأمر يعود وفق الاستشاري المختص إلى الصحة العامة للشخص، خلوه من الأمراض المزمنة مثل الضغط أو السكر، وغيرها.

ويشير تبن إلى أن الغذاء الجيد والحياة الصحية وممارسة الرياضة أشياء مفيدة في استمرار قدرة الرجال في عمر متقدم على ممارسة الجنس؛ إلا أن كل ذلك لا يجدي حال لم يكن هناك استقرار نفس مواز!

 

شيخوخة سعيدة

اتفقت المعالجة النفسية آمنة أحمد سليمان مع تبن في أهمية العامل النفسي، مؤكدة في الوقت نفسه أن استمرار العلاقة الجنسية لدى الأزواج بعد الستين يحسن من نوع الحياة التي يعيشونها ويعزز من ثقتهم بذواتهم.

وأكدت إسماعيل أن العلاقات الحميمة تعتبر وقاية من الأمراض النفسية التي تصاحب الشيخوخة مثل الاكتئاب لأنهم لا يشعرون بأنهم عديمو الجدوى والقيمة!

العلاقات الجنسية لا عمر لها وفق إسماعيل التي أكدت أن استمرارها ينعكس إيجابا على كامل الأسرة استقرارا ودفئا. (الأزواج الذين يمارسون الجنس في عمر متقدم يكون بينهم تقارب وتوادد يجعل الأسرة تشعر بأنها مشبعة بالحنان).

وليكتمل المشهد لابد من معالجة كافة المعوقات التي تحول دون استمرار العلاقات الجنسية، من معوقات طبيعية (نقص هرمون التستريون لدى الرجال والاستروجين لدى النساء) إلى جانب أمراض القلب أو آلام المفاصل عبر تطويل مدة الإثارة، وتغيير طرق الممارسة، الأمر الذي يحتاج إلى بعض التثقيف والوعي.

Share:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *