معلومات التواصل

السودان،الخرطوم،الرياض

متواجدون على مدار الساعة

لماذا الحركة الاسلامية ارهابية؟

كبلو:

الاسلام السياسي مرفوض فكرا ومشروعا

بابكر فيصل:

  المؤتمر الوطني المحلول، وواجهاته ليسوا احزابا انما “تنظيمات حربية مليشياوية

شريف محمد عثمان:

تصنيف الحركة بالارهاب يمكن الجيش من الانخراط في أي تسوية سياسية

مصعب محمد علي 

لماذا يصف تحالف “صمود” المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية كمنظومة إرهابية ارتبطت بالانقلابات، الإبادة، الإرهاب، والفساد الممنهج؟

وهل يكسر التصنيف دوامة العنف؟

يقول القيادي في التحالف شريف محمد عثمان إن تصنيف الحركة الإسلامية كتنظيم إرهابي هو خطوة ضرورية نحو السلام. ويضيف: “هذا التصنيف سيمكن القوات المسلحة من الانخراط في أي تسوية سياسية بعيدا عن ضغوط الإسلاميين، الذين يعطلون كل مسعى للسلام، من منبر جدة إلى مفاوضات المنامة وجنيف.”

ويحذر من أن تجاهل هذه الخطوة قد يترك السودان عرضة لإعادة استخدامه كقاعدة إقليمية لشبكات الإسلاميين، بما يهدد الاستقرار الإقليمي والدولي.

في السودان، لا يبدو العنف ظاهرة عابرة أو حالة ظرفية، بل اصبح قانونا دائما فرض نفسه على التاريخ والمجتمع، كأن البلاد مسرح لدائرة لا تنتهي من الصراع والإقصاء.

 ومنذ نشأتها، رسخت الحركة الإسلامية منطق “نحن أو الطوفان”، حيث تصبح السلطة غاية مطلقة، والشراكة مع الآخر تهديدا وجوديا، ما يجعل أي تسوية أو تقاسم للسلطة مؤقتا ومرحليا، لا يدوم،حتى تتاح فرصة الهيمنة الكاملة.

هذا الفكر الإقصائي تجاوز السياسة ليصبح قاعدة للسلوك في الدولة والمجتمع، يحول المؤسسات إلى ساحات صراع والمواطنين إلى ضحايا محتملين في كل مرحلة من مراحل الصراع.

ويثير سؤال السلام في السودان إشكالية عميقة تتجاوز ترتيبات وقف الحرب أو إعادة بناء الدولة؛ إذ يرتبط جوهره بمصير الحركة الإسلامية التي شكلت على امتداد عقود أحد أكثر الفواعل السياسية إثارة للجدل. فهل من الممكن تحقيق سلام مستدام عبر استبعاد الإسلاميين كليا من العملية السياسية، أم أن الإدماج المشروط والمرهون بالعدالة الانتقالية هو السبيل الوحيد لتفكيك دوامة العنف والاستبداد؟

يقول رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي بابكر فيصل إن المقصود بالإقصاء هنا ليس الإسلاميين كتيار فكري واسع، بل تحديدا “الحركة الإسلامية التي يقودها علي كرتي، والمؤتمر الوطني المحلول، وواجهاتهما مثل التيار الإسلامي العريض”، مضيفا أنهم “تنظيمات حربية مليشياوية، وليست أحزابا سياسية طبيعية”.

ويرى فيصل أن هذه المجموعات لا تزال تسيطر على مفاصل الدولة عبر شبكة التمكين السياسي الممتدة في الأجهزة العسكرية والأمنية والخدمة المدنية، وهو ما يجعل تفكيك تلك الشبكة شرطا أساسيا لوقف دوامة العنف. “نحن لا نضع شروطا، بل نتحدث عن استحقاقات طبيعية”، يقول، قبل أن يشير إلى تجربة جنوب أفريقيا حيث اعترفت قيادة نظام الفصل العنصري بفشلها واستعدادها لتفكيك نظامها، الأمر الذي فتح الباب أمام اتفاق تاريخي مع نيلسون مانديلا.

ويؤكد فيصل أن “الاعتراف بفشل حكم الإنقاذ، والتخلي عن العنف والاحتكام لصندوق الاقتراع، وفك الارتباط بالأجهزة الأمنية والعسكرية والخدمة العامة”، هي ثلاثة مطلوبات أساسية لأي مشاركة سياسية للإسلاميين في المستقبل. أما الذين نبذوا العنف ورفضوا انقلاب 25 أكتوبر 2021 ودعوا إلى وقف الحرب، “فهم بلا شك سيكونون جزءا من العملية السياسية”، على حد قوله.

لكن التحدي الأكبر، بحسب مراقبين، يتمثل في أن بعض فصائل الإسلاميين لا تزال تروج للعنف وتسعى إلى استثماره لتعزيز حضورها السياسي، بل وتستند إلى نفوذها داخل مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية. وهو ما يجعل الحديث عن إدماجها دون تجريدها من أدوات القوة العسكرية محفوفاً بالمخاطر.

يقول فيصل في هذا السياق إن المخرج يتمثل في “تجريدهم من السلاح وتصفية مليشياتهم”، مشددا على أن ذلك لا ينبغي أن يتم بمعزل عن استحقاقات سياسية واضحة تعترف بفشل التجربة الإسلامية في الحكم، وتؤسس لدولة وطنية لا تحتكم إلا إلى القانون وصندوق الاقتراع.

وبين الإقصاء الكامل والإدماج المشروط، يقف السودان أمام معضلة كبرى: كيف يمكن بناء سلام عادل لا يترك ثغرات يعبر منها الاستبداد مجدداً، ولا يكرر دوامة الدم التي أدمت البلاد لعقود طويلة؟

بينما تستعر الحرب في السودان، يواجه الإسلاميون اتهامات متجددة بالمسؤولية عن تغذية دوامة العنف واستغلالها لتعزيز حضورهم السياسي.

ويقول منتقدون إن التجارب السابقة أظهرت أن أي صيغة لتقاسم السلطة مع الإسلاميين لا تكون سوى مرحلة مؤقتة، سرعان ما تنتهي بانفرادهم بالسلطة حالما تتهيأ الظروف. الأحداث الجارية، بحسب هؤلاء، تؤكد استمرار بعض فصائل الحركة في الترويج للعنف واستخدامه أداة سياسية، ما يجعل وصفها بـ”تنظيمات إرهابية أو مسلحة” ينطبق على الماضي والحاضر معا، خاصة تلك التي ما زالت تحتفظ بنفوذ واسع داخل الأجهزة العسكرية والأمنية.

شريف عثمان: ليست خصومة سياسية

في حديثه لـ”للاستقصائي”، قال الامين السياسي لحزب المؤتمر السوداني شريف محمد عثمان، إن المطالبة بتصنيف الحركة الإسلامية كتنظيم إرهابي “ليست مسألة خصومة سياسية، بل نتيجة لقراءة متأنية لمشروعها الفكري وممارساتها على مدى أكثر من سبعة عقود”.

وأضاف: “الحركة الإسلامية امتداد مباشر لمشروع الإخوان المسلمين، تقوم على الإقصاء وإنكار الآخر، وتسعى لإعادة تشكيل المجتمع السوداني وفق منهجها. والأخطر أنها مشروع عابر للحدود لا يعترف بالدول الوطنية، بل يعتبر السودان ومصر والأردن والسعودية مجرد ساحات لتنفيذ مخططاته.”

وأشار عثمان إلى أن هذه “الثلاثية” – الإقصاء، العابرية، للحدود، وتذويب المجتمعات داخل مشروع الإخوان – أسهمت في تدمير السودان، مذكرا بالمؤتمرات التي نظمتها الحركة في الخرطوم لتجميع الإسلاميين من مختلف الدول، والتي يرى أنها ساعدت على صعود تيارات متطرفة في الإقليم.

سجل دموي

يتهم عثمان الحركة الإسلامية السودانية بالضلوع في عمليات إرهابية عابرة للحدود، من بينها تفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا، وتفجير المدمرة الأميركية كول، إضافة إلى دعم جماعات متطرفة مثل حركة الشباب في الصومال وبوكو حرام في نيجيريا.

كما أشار إلى محاولات اغتيال استهدفت الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك والزعيم الليبي معمر القذافي، بجانب تدخلات في إثيوبيا وإريتريا وتشاد.

وعلى الصعيد الداخلي، قال عثمان إن ما سمته الحركة “المشروع الحضاري” كان غطاءً لإعادة صياغة المجتمع عبر الإعلام والتعليم وأجهزة الدولة. لكنه اعتبر أن الحصيلة النهائية كانت “فسادا واستبدادا ودموية”، موثقا ذلك بضحايا الحرب الأهلية في الجنوب ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، وبقضايا تعذيب وقتل معارضين مثل أحمد الخير وعلي فضل.

“هذه ليست وقائع من الماضي فحسب”، يضيف عثمان، “فالحرب التي اندلعت في 15 أبريل العام الماضي أثبتت أن الحركة مستعدة لإشعال البلاد مجددا من أجل العودة إلى السلطة.”

شبكات مالية ودعوية

وحول قدرة الحركة على إعادة إنتاج نفسها، أشار عثمان إلى أن حكومة الفترة الانتقالية كانت قد بذلت جهودا في تفكيك شبكاتها المالية والدعوية عبر لجنة إزالة التمكين، التي صادرت شركات ومنظمات، بينها “منظمة الدعوة الإسلامية” التي وصفها بأنها “ذراع مباشر للانقلاب في 1989″، وأغلقت قنوات إعلامية مثل طيبة.

لكن هذه الجهود توقفت بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021، بل أعيدت بعض الممتلكات إلى الحركة الإسلامية، ما اعتبره عثمان دليلاً على عودة خطر تحويل السودان إلى مركز لنشاطها العابر للحدود.

“من هنا”، يضيف، “تصنيف الحركة تنظيما إرهابيا ليس مجرد خطوة رمزية، بل ضمانة أساسية لمنعها من استخدام السودان مجددا كقاعدة، ولحماية مستقبل البلاد من إعادة إنتاج دوامة العنف.”

 الشيوعي والحركة الإسلامية: رفض مطلق وشروط صارمة

يتبنى الحزب الشيوعي السوداني موقفاً حاسماً من الحركة الإسلامية، إذ يرفض التعامل معها كقوة سياسية مدنية، ويعتبرها تنظيما عسكريا مسلحا ظل لعقود يسيطر على أجهزة الدولة عبر التمكين، ويديرها بمنطق القوة لا بمنطق السياسة. ومن هذا المنطلق، يرى الحزب أن أي حديث عن إدماج الحركة في العملية السياسية لا بد أن يمر عبر شرط أساسي: تفكيك سيطرتها على مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والخدمة المدنية.

ويرى الحزب أن إدماج الإسلاميين بلا شروط أشبه بـ”عقد إذعان معلن”، ويمثل في جوهره “تصفية حسابات مع الثورة”، بما يتناقض مع أهدافها التي قامت من أجل الحرية والعدالة والسلام.

مسؤولية تاريخية ممتدة

يحمل الحزب الشيوعي الحركة الإسلامية كامل المسؤولية عن انقلاب 30 يونيو 1989 وما ترتب عليه من انتهاكات جسيمة، من تعذيب وقتل خارج القانون، وتخريب متعمد للاقتصاد والمجتمع، وفساد ممنهج، ومصادرة الحقوق الأساسية طوال ثلاثة عقود. كما يعتبرها مسؤولة عن انفصال الجنوب، والحروب في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وشرق السودان، إضافة إلى نزاعات الأراضي والسدود.

ويقول عضو المكتب السياسي للحزب، صدقي كبلو، إن الإسلاميين لم يعتذروا للشعب بعد سقوط نظامهم، بل واجهوا الثورة مباشرة، وساهموا في جريمة فض الاعتصام، ثم قادوا انقلاب 25 أكتوبر 2021، وأسهموا في إشعال حرب 15 أبريل 2023 واستمرارها، فضلا عن دورهم في تكوين قوات الدعم السريع وتسليحها، بما ارتكبته من فظائع في دارفور وجبال النوبة.

لا استثناء دون محاسبة

يؤكد الحزب أن إشراك الحركة الإسلامية في أي ترتيبات سياسية مقبلة، من دون محاسبة مسؤوليها عن الجرائم، يعني عمليا القبول بتصفية الثورة والتخلي عن أهدافها. لكنه في الوقت ذاته يوضح أنه لا يغلق الباب أمام التعامل مع إسلاميين فرادى أو جماعات أعلنوا بوضوح رفضهم لانقلاب 30 يونيو، وانتقدوا تجربتهم، ونبذوا العنف، ودعوا لوقف الحرب.

ويرى الحزب أن هؤلاء يمكن أن يكونوا جزءا من العملية السياسية، بشرط الالتزام بالعمل السلمي، والقبول بالعدالة الانتقالية، والخضوع لمبدأ المحاسبة عن الجرائم، مع الإقرار النهائي بأن الإسلام السياسي ــ كفكر ومشروع ــ يبقى مرفوضا من الناحية السياسية والفكرية والثقافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *