تقرير ـ عمار سليمان
حصدت “الحرية والتغيير” غرس المواكب بانتزاعها تعهدا من العسكر بالعمل على إنهاء الانقلاب وفق خطة تعدها قوى الثورة الحية.
ويضع التعهد، الذي شهدت عليه كل من واشنطن والرياض المكوِّن العسكري أمام خيارين إما الوفاء بما قطعه من عهد، أو قطع شعرة معاوية مع الأمريكان وخسارة مصالحه مع المملكة العربية السعودية.
وأعقب لقاء كافوري، اجتماع للآلية الثلاثية بالحرية والتغيير، ربما نتج عنه إعادة ترتيب أوراق الحوار الذي بدأت أولى جلساته “باهتة” الأربعاء الماضي.
أفلح وفد الحرية والتغيير الذي التقى العسكر، في عكس اتجاه الحوار من محطة “الشراكة”، إلى غاية “الرحيل”.
المقاومة شقان
ليس من حق لجان المقاومة تصحيح كراسة “الحرية والتغيير” ، ذلك لأنهما وإن اتفقا على الأهداف فإن لكل وسائله التي تحددها طبيعته، فلجان المقاومة ذات طبيعة ثورية أكثر منها سياسية، وتحالف الحرية والتغيير سياسي ابتداء وإن كان ثوريا.
لا يليق بـ”الدقير” مثلا أن يعيد علبة “البنبان” للعسكر، وإن استحسن ذلك من لجان المقاومة، ولأن كل ميسَّر لمهمته، لزم أن يحترم كلاهما الآخر طالما أن هدف المقاومة بشقيها السياسي، والثوري إسقاط الانقلاب.
حبال الممكن
وتفرض الطبيعة السياسية على الحرية والتغيير فك الجمود الذي تصلب بموجبه المشهد، فعندما وقف حمار الساسة عند عقبة اللاءات الثلاث، كان لابد للعقل السياسي من حيلة يستأنف بها اللعب على حبال الممكن سعيا لتحقيق ذات الأهداف التي يرنو لتسديدها الثوار في مرمى “القصر الانقلابي”.
وبعد أن تشابكت الخيوط بـ”مستحيل” لقاء التفاوض التزاما بشعار اللاءات، مثّلت الدعوة الأمريكية ـ السعودية فرصة لـ”كسر الجمود” خاصة بعد فشل حوار الآلية الثلاثية الذي احترق بوجود “الفلول” و “الانتهازيين”، فاستجابت الحرية والتغيير إلى لقاء “غير رسمي”، لا تتضمن أجندته سوى إنهاء الانقلاب، والتمهيد لتأسيس دستوري جديد بعد تمزيق “الوثيقة”.
بفعلته تلك، استطاع التحالف ـ الذي يمثّل سياسيا أكبر الكتل الثورية ـ أن يرمي حجرا في بركة المشهد السياسي في البلاد.
سهام “التخوين”
وعلى الرغم من سهام “التخوين” التي يتعرض لها من بعض الثوار أحيانا، إلا أن المسؤولية التاريخية تملي على تحالف الحرية والتغيير ألا يأبه لها طالما أنه المعني بمبارزة الانقلابيين في حلبتي السياسة والعلاقات الدولية.
وبعيدا عن إصابة الهدف الاستراتيجي من اجتماع بيت السفير السعودي “إنهاء الانقلاب” من عدمها، فإن ما أحدثه ذاك اللقاء من “ضجة” كفيل بتحريك جمود المشهد، الأمر الذي قد يهيء للمقاومة السياسية فرصة لمحاولة هزيمة الانقلاب من هذا الباب.
يعلم تحالف الحرية والتغيير أنه بإقدامه على جلوس “مشروط” مع الانقلابيين في زمن “التخوين” يعرّض نفسه للاتهام مجددا بما يسمى”الهبوط الناعم”، ولعل هذا ما يفسِّر مسارعة بعض قادة التحالف لانتقاد الخطوة، كالدكتور محمد ناجي الأصم، وإسماعيل التاج، ومدني عباس.
تبدو محاولات شيطنة الحرية والتغيير استنادا على لقاء كافوري “مفضوحة” الهدف، ولا تصب مطلقا في خانة خدمة “المقاومة”، ذلك لأن اللقاء أحدث اختراقا في صالح الثورة، وتمثل ذلك في تجاوز كل محاولات التفاوض مع العسكر حول الحكم إلى الحوار حول مغادرتهم للسلطة.
غرس “الثوار”
حصدت “الثورة” غرسها سريعا بعد أن انتزعت “الحرية والتغيير” تعهدا من العسكريين بإنهاء الانقلاب، الأمر الذي سدد طعنة نجلاء في خاصرة الدولة العميقة، وخيّب أمل “الفلول” في العودة إلى الحكم مجددا.
على عكس مجريات الأحداث، أدار اللقاء البوصلة إلى الاتجاه الآخر، وبات في حكم المؤكد أن ورقة “توت” الانقلاب ستسقط، وسيسقط معها “الفلول” و ” معتصمو الموز”، وسيخلو للثورة وجه أبيها من لجان المقاومة والثوار، بعد أن تنفي خبثها.
هدف ثمين، سددته المقاومة السياسية في مرمى “الانقلاب”، الأمر الذي قاد إليها الآلية الثلاثية لتسمع “رأي الشارع” و خطة “الإسقاط”، ولولا لقاء “السفير” ما انتبهت الآلية أن مهمتها المتمثلة في دعم التحول الديمقراطي تتطلب مراجعة أطراف “الحوار” وتستهدف “إبعاد العسكر”.