نبش قبور داخل جامعة الجزيرة يفضح دفن ضحايا بينهم اطفال قصر
الجزيرة – السودان- استقصائي
أشرفت السلطات القضائية في ولاية الجزيرة، وسط السودان، على عملية نبش قبور داخل حرم جامعة الجزيرة بمجمع النشيشيبة، يُعتقد أنها تضم رفات ضحايا جرى قتلهم خلال الأحداث الدامية التي شهدتها مدينة ود مدني، بينهم أطفال قُصّر، وذلك عقب بلاغ رسمي قدمته إدارة الجامعة بشأن وجود مقبرة غير قانونية داخل الحرم الجامعي.
وقال وكيل نيابة القسم الأوسط، عمر يوسف عدلان، في تصريح صحفي، إن فريق التحقيق بدأ صباح أمس أعمال نبش 26 قبرًا يُرجّح أنها تضم رفات ضحايا، من بينهم أطفال قُصّر، يُعتقد أنهم قُتلوا على يد ميليشيا مسلحة. وأضاف عدلان أن بعض القبور تعود لمواطنين منعت الميليشيا ذويهم من دفنهم في المقابر العامة بود مدني، فيما تضم قبورًا أخرى جثامين عناصر من الميليشيا نفسها، بينهم أحد القادة، إضافة إلى ثلاثة قبور تعود لمواطنين مسيحيين سيتم نقل رفاتهم لاحقًا إلى المقبرة المسيحية بالمدينة.
وأكد عدلان أن “ما تقوم به الميليشيا من عمليات دفن خارج القانون يُعد سلوكًا منافياً للفطرة الإنسانية والتعاليم الدينية”، مشيرًا إلى أن النيابة ستستكمل الإجراءات القانونية بالتنسيق مع الجهات المختصة.
وحضرت الشرطة إلى الموقع بقيادة النقيب عبد الإله محمد علي، رئيس فرع الجنايات بالقسم الأوسط، إلى جانب فرق من جمعية الهلال الأحمر السوداني، التي وفّرت الدعم اللوجستي خلال عملية استخراج الرفات.
وكانت إدارة الجامعة قد شكّلت لجنة رسمية لمتابعة القضية منذ لحظة اكتشاف المقبرة، ضمت وكيل الجامعة، والمستشار القانوني، ومدير الشرطة الجامعية، إلى جانب ممثلين عن المراجعة الداخلية وأعضاء لجنة مختصة من إدارة الجامعة.
ويشير خبراء قانونيون إلى أن دفن الجثامين دون توثيق رسمي، خصوصًا داخل مؤسسات مدنية وتعليمية، يُعد خرقًا واضحًا للقانون الجنائي السوداني، الذي ينص على ضرورة الإبلاغ عن حالات الوفاة والالتزام بمواقع الدفن الرسمية. كما أن دفن ضحايا يُشتبه في مقتلهم داخل مقرات غير مخصصة لذلك، قد يدخل ضمن جرائم الإخفاء القسري وطمس الأدلة.
وبحسب القانون الدولي الإنساني، فإن دفن القتلى في مواقع مجهولة أو دون احترام لكرامتهم الإنسانية قد يشكّل جريمة حرب، لا سيما إذا اقترن بأعمال قتل ممنهجة أو استهداف للمدنيين. وتُلزم اتفاقيات جنيف أطراف النزاع باحترام الموتى، والتعرّف على هوياتهم، والسماح لذويهم بدفنهم وفقًا لتقاليدهم الدينية والثقافية.
ويرى مراقبون أن هذه الحادثة تعكس تصاعد حالة الفوضى في مناطق سيطرة الميليشيا، وتسلّط الضوء على حجم الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون في ظل غياب الدولة، كما تثير تساؤلات حول جرائم أخرى محتملة لم تُكشف بعد، في بلد تمزقه الحرب منذ أكثر من عام وسط غياب المساءلة وتراجع نفوذ الحكومة المركزية.