ربط أمنيون وساسة بين أحداث محلية لقاوة في ولاية غرب كردفان ومجريات السياسة في البلاد، مشيرين إلى أنها نتيجة لفعل فاعل لا يريد الاستقرار بالبلاد ويسعى لتخريب العملية السياسية التي تقودها الآلية الرباعية والتي من المتوقع أن تتوصل إلى اتفاق ينقل البلاد إلى الاستقرار.
ووصفوها بأنها محاولات من أطراف مختلفة تسعى إلى قطع الطريق أمام أي تقدم في العملية السياسية المفضية إلى استعادة المسار المدني الديمقراطي تحت غطاء الصراعات القبلية، إلا أنها عملية مقصودة وممنهجة ومعلومة الغرض.
ودعوا الحكومة السودانية والحركة الشعبية إلى وقف تبادل الاتهامات والعمل من أجل توصيل المساعدات إلى المتضررين وفتح تحقيق بحثا عن الجناة.
اشتباكات قبلية
واندلعت اشتباكات بين قبيلتي المسيرية والنوبة بمحلية “لقاوة” بولاية غرب كردفان، (17) شخصاً وجرح (16) آخرين ونزوح حوالي (12) ألف مواطن نتيجة لحرق منازلهم، وتمدد القتال بين الطرفين إلى أحياء المدينة المختلفة وتم حرق أحياء “كرقادي ولادي” ما أدى إلى نزوح أعداد من المواطنين إلى حامية الجيش.
وتبادل كل من الحركة الشعبية وحكومة السودان الاتهامات حول المسؤولية في الاشتباكات، فبينما أصدر الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة بيانا اتهم فيه الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بقصف أحياء في مدينة لقاوة بعدد ١٣ قذيفة هاون من أحد قواعدها في جبل طرين شمال لقاوة، عصر يوم ١٨ أكتوبر ٢٠٢٢، نفت الحركة الشعبية بأنها ليست طرفا في الاشتباكات المسلحة التي حدثت وتحدث في لقاوة، واصفة بيان القوات المسلحة بـ “محض ادعاء” لإخفاء الحقيقة وصرف الأنظار عما يجرى على الأرض من ارتكاب لانتهاكات وفظائع وأعمال وحشية ضد إثنيات معينة.
هجوم سرية
وطبقا لبيان القوات المسلحة فإن القصف استهدف سوق المدينة وحي الغزاية وحي المساليت. و أعقبه هجوم قوة تتبع للحركة الشعبية قوامها سرية مشاة على قواتهم التي تمكنت بحسب البيان من دحرها وإجبارها على الانسحاب.
لكن الحركة الشعبية قالت، إن القوات المسلحة تعلم أنه لا يمكن الهجوم على مدينة مثل لقاوة مع الوضع في الاعتبار حجم القوات والمليشيات بقوة قوامها سرية.
وجاء في بيان القوات المسلحة: (ما جرى يعتبر خرقا واضحا لاتفاق وقف إطلاق النار والأعمال العدائية مع حكومة السودان، والذي يتم تجديده والالتزام به منذ ١٦ أكتوبر ٢٠١٩.
خرق إطلاق النار
وحذرت القوات المسلحة قيادة الحركة الشعبية من عواقب أي خرق لوقف إطلاق النار، وردت الأخيرة بقولها: لسنا دعاة حرب، ولكن فلتعلم القوات المسلحة أن الجيش الشعبي يراقب ما يجرى عن كثب، ولن يسمح باستباحة جبال النوبة على غرار ما حدث في دارفور، وأنه غير معني بهذا التحذير والتهديد الأجوف.
وتساءلت الحركة الشعبية في بيانها عن صمت القوات المسلحة خلال أسبوع امتد من (١٢/١٠ وحتى ١٧/١٠/٢٠٢٢) من استمرار الهجمات الغادرة من مليشيات قبلية قالت إنها مدعومة من قوات الدعم السريع والتي أسفرت عن قتل مواطنين أبرياء وعزل، وحرق أحياء وقرى ونهب ممتلكات المواطنين وتنزيح مئات الأسر وآلاف النازحين فى مرأى ومسمع القوات المسلحة.
وقال الخبير الأمني خالد عبيد الله، إن ما حدث في منطقة لقاوة في جنوب كردفان أرادت من خلاله الحركة الشعبية وقف أي عملية سياسية.
منطقة استراتيجية
وأضاف خالد إن منطقة لقاوة في جنوب كردفان تم استهدافها من قبل لأنها تمر عليها خطوط أنابيب البترول، مما يؤكد أن الاستهداف لها هدف استراتيجي ومناورة عسكرية محددة ولها أبعاد سياسية.
وتابع، لا يمكن إقحام الدعم السريع في صراع لأن وجود الدعم السريع محدود والانتشار الكامل للجيش السوداني ما ينفي فرضية اتهام الدعم السريع.
وأضاف عبيدالله أن ما حدث في لقاوة هو محاولة لتعطيل عملية سياسية أو موقف سياسي تفاوضي من خلال استخدام القوة العسكرية بواسطة عبد العزيز الحلو، حسب قوله .
تدخلات سلبية
من جانبه، قال الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني شريف محمد عثمان إنه منذ انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر تصاعدت حدة التوترات في مناطق عديدة من ولايات السودان حيث فشلت سلطة الانقلاب في توفير أدنى مطلوبات حفظ الأمن بالإضافة لتدخلاتها السلبية ومواقفها غير المحايدة والبطء المتعمد في بعض الأحيان في مناطق النزاع ، وظهرت هذه في مناطق كثيرة في مناطق النزاع.
وتابع شريف أن الأحداث في النيل الأزرق بالإضافة للنزاع في جنوب كردفان والاتهامات المتبادلة بين الحركة الشعبية و القوات المسلحة تشكل تهديدا لعودة الحرب للمنطقة وكل هذه التهديدات تحتم جعل الحل السياسي أولوية للأزمة السياسية الراهنة في البلاد التي بدأت مع انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر.
إعاقة مساعي الحل
من جانبه، قال الناشط السياسي ياسين صلاح، إن أحداث لقاوة المؤسفة تقرأ مع الأحداث الجارية الآن في النيل الأزرق على أنها محاولات من أطراف مختلفة تسعى إلى قطع الطريق أمام أي تقدم في العملية السياسية المفضية إلى استعادة المسار المدني الديمقراطي تحت غطاء الصراعات القبلية، إلا أنها عملية مقصودة وممنهجة ومعلومة الغرض.
وأضاف ياسين وعلى الجهات الحكومية القيام بواجبها في حماية المدنيين والقيام بتحقيق مهني وشفاف يوضح أسباب الصراع والجهات الضالعة فيه. كما أنه من المفترض من جميع الأطراف إيقاف التصريحات العدائية وإتاحة الفرصة لتقديم المساعدات للمتضررين.
إدريس عبدالله