Categories: Politics

أزمة النفط بين السودان وجنوب السودان تتجدد

أزمة النفط بين السودان وجنوب السودان تتجدد: خلافات على الرسوم والإنتاج تعرقل الاتفاق 

تقارير – استقصائي 

فشلت جولة المفاوضات التي انعقدت بين السودان وجنوب السودان يومي 23 و24 يونيو 2025 في التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن تصدير نفط جنوب السودان عبر الأراضي والموانئ السودانية، وأعلنت السلطات السودانية أن المحادثات ستُستأنف لاحقًا.

ويواجه الطرفان صعوبات متكررة تعرقل الوصول إلى تفاهم، أبرزها الخلاف حول شفافية بيانات الإنتاج ورسوم العبور، وذلك في ظل توقف صادرات نفط الجنوب منذ مارس الماضي.

شكوك حول كميات الإنتاج

وكشف مصدر رفيع بوزارة الطاقة السودانية لـ(استقصائي) أن وفد جنوب السودان أبدى تحفظات على الأرقام التي قدمها الجانب السوداني، خاصة ما يتعلق بكميات الخام التي تتم معالجتها في منشآت شركة “بيتكو”، التي تدير مصفاة التصدير. وأوضح أن محطة القياس الرئيسية تقع داخل الأراضي الجنوبية، مما يزيد من تعقيد التحقق من دقة البيانات.

وأشار المصدر إلى أن شركة بترولاينز للنفط الخام (PETCO) تضخ نحو 28 ألف برميل يوميًا، يُستهلك منها محليًا حوالي 14 ألف برميل، وأضاف: “الجانب الجنوبي يشكك في دقة البيانات ويعتبرها غير موثوقة، وهو ما يشكل جوهر الخلاف الحالي”.

مخاوف من استغلال الحرب وغياب الثقة

من جهته، قال مصدر من وزارة الطاقة بجنوب السودان لـ(استقصائي) إن بلاده تشعر بالقلق من استغلال حكومة السودان للأوضاع الأمنية المتدهورة في الجنوب لفرض رسوم عبور إضافية، تحت ذريعة كلفة تأمين خطوط الأنابيب وسط الحرب. وأضاف: “الثقة مع سلطات بورتسودان شبه معدومة منذ وقت طويل”.

إغلاق متكرر للخطوط وتضرر البنية التحتية

شهدت خطوط نقل النفط من جنوب السودان إلى السودان عمليات إغلاق متكررة منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، كان آخرها في 9 مايو 2025 عقب سلسلة هجمات على البنية التحتية النفطية. ففي الهودي، استهدفت طائرات مسيّرة تتبع لقوات الدعم السريع محطة ضخ رقم (5) التابعة لشركة بترولاينز، ما أدى إلى دمار واسع في منشآت الوقود بولاية النيل الأبيض.

وفي 7 ديسمبر، شنّ سلاح الجو السوداني غارة على مصفاة الجيلي تسببت في تدمير غرف التحكم، وتكررت الغارات لاحقًا ما أدى إلى اندلاع حرائق في المستودعات. كما استهدفت القوات المسلحة في 4 يونيو محطة تخزين رئيسية بالنيل الأبيض، ومحطة العيلفون التي كانت تحت سيطرة الدعم السريع. وأظهرت صور أقمار صناعية تسربًا في خط “بترودار”، الذي ينقل 60% من نفط جنوب السودان، نتيجة المعارك الدائرة.

ديون معلّقة ومطالبات متبادلة

أوضح المصدر السوداني أن هناك التزامات مالية لم تُسدد بعد، تتجاوز 500 مليون دولار من أصل أكثر من 3 مليارات، مشيرًا إلى أن بعض هذه المستحقات تُخصم مقابل تكاليف التشغيل والصيانة التي تتحملها شركة “بيتكو”.

ورغم استمرار المفاوضات، لم يتم إحراز تقدم ملموس. ولم تُصدر وزارة الطاقة السودانية بيانًا رسميًا حول النتائج، فيما اكتفى وكيل الوزارة، محيي الدين النعيم، بتصريح وصف فيه الاجتماعات بـ”الناجحة للغاية”، مشيرًا إلى أنها جرت بـ”روح عالية وشفافية”، وأن الجولات ستُستأنف في يوليو المقبل ببورتسودان أو جوبا.

تعقيدات في هيكل الرسوم

تستند رسوم التصدير الحالية إلى اتفاق أُبرم عام 2012، يشمل ما يلي:
•   1.6 دولار للبرميل مقابل المعالجة
•   8.4 دولار عبر خط “بيتكو” أو 6.5 دولار عبر “بترودار”
•   1 دولار كرسوم عبور
•   15 دولارًا ضمن “الترتيبات المالية الانتقالية”

وتبلغ كلفة تصدير البرميل الواحد 11 دولارًا عبر “بيتكو” و9.1 دولارًا عبر “بترودار”. وسددت جوبا حتى الآن أكثر من 2.5 مليار دولار من أصل 3.028 مليار، بينما تبقى حوالي 550 مليون دولار. يُذكر أن شركة “بتروناس” الماليزية وقعت اتفاقًا منفصلًا في 2022 لتصدير إنتاجها من حقل “سيرجاس” بجنوب السودان عبر خطوط “بترولاينز” مقابل 13 دولارًا للبرميل.

مقترح سوداني لإعادة هيكلة الرسوم

بحسب مصدر مطّلع، اقترحت الخرطوم فصل الرسوم إلى ثلاثة مكونات مستقلة تُحسب بناءً على الكلفة التشغيلية الجديدة بعد توقف الخط، وهي:
•   رسوم عبور
•   رسوم معالجة تُحدد حسب نوع الخام
•   رسوم تصدير تشمل التخزين والتأمين في ميناء بشائر

أزمة اقتصادية خانقة في جوبا

تواجه جنوب السودان أزمة اقتصادية خانقة مع توقف صادراتها النفطية، التي تمثل أكثر من 90% من إيرادات الدولة. وتُقدَّر خسائرها بأكثر من 100 مليون دولار شهريًا، في وقت تعتمد فيه كليًا على خطوط الأنابيب السودانية لتصدير ما يصل إلى 150 ألف برميل يوميًا.

استئناف جزئي واستعدادات للضخ الكامل

أفاد مسؤولون فنيون بأن خط “بيتكو”، المتوقف منذ فبراير 2023، بدأ بضخ كميات أولية من الخام إلى ميناء بشائر، لكن العودة الكاملة للتصدير تتطلب إصلاحات فنية وتأمينًا للمناطق المتأثرة بالنزاع، إضافة إلى جدول زمني محدد.

خطوط النقل وأهميتها

تُصدر جوبا نفطها عبر ثلاثة خطوط رئيسية بُنيت قبل الانفصال عام 2011. يُعد خط “بترودار” الرئيسي، إذ ينقل ما بين 60-70% من الإنتاج بطول يبلغ 1500 كيلومتر، بينما ينقل “خط غرب النيل” نحو 40% من الخام بطول 1610 كيلومتر.

أفق مفتوح رغم الخلاف

رغم كل التحديات، عبّر الجانبان عن رغبتهما في التوصل إلى اتفاق شامل خلال الأسابيع المقبلة، حرصًا على مصلحة البلدين وتخفيفًا للضغوط الاقتصادية المتصاعدة.

shawgi amari

Recent Posts

العقوبات الأميركية سلاح ذو حدين

العقوبات الأميركية على السودان: سلاح ذو حدين في حرب بلا نهاية خبراء قانونيون: العقوبات تمهيد…

10 hours ago

العقوبات الأمريكية تدخل حيّز التنفيذ

العقوبات الأمريكية تدخل حيّز التنفيذ: السودان تحت ضغط دولي متزايد تقارير - استقصائي دخلت العقوبات…

1 day ago

صمود يرحب بمبادرة الأمم المتحدة

“صمود” يرحب بمبادرة الأمم المتحدة لهدنة إنسانية في الفاشر ويدعو لتوسيعها أخبار -استقصائي رحب التحالف…

1 day ago

البرهان يوافق على هدنة إنسانية بالفاشر

البرهان يوافق على هدنة إنسانية بالفاشر بطلب من غوتيريش والأمم المتحدة ترحب بتعيين كامل إدريس…

1 day ago

أنقذوا السودانيين في الكفرة

“أنقذوا السودانيين في الكفرة”.. نداء من قلب الحدود الليبية المنسية  الحدود الليبية – الاستقصائي  في…

3 days ago

دارفور تئن تحت وطأة الندرة.. وأطباء بلا حدود تكشف التحديات

دارفور تئن تحت وطأة الندرة.. وأطباء بلا حدود تكشف التحديات في ظل نزاع مستعر ينهش…

4 days ago