بعد تلبيته دعوة الشيخ الجعلي محللون: الشيوعي يخرج من “الصفرية” إلى “التكتيك”

وصف ساسة ومحللون تلبية الحزب الشيوعي دعوة الشيخ محمد حاج حمد الجعلي شيخ السجادة القادرية بكدباس بالخطوة الجيدة وعدوها تنازلا عن المواقف الصفرية  التي كان يتبناها الحزب منذ خروجه من تحالف الحرية والتغيير ودعوته لإسقاط الحكومة الانتقالية وحتى لحظة رفضه الجلوس مع قوى الحرية والتغيير والأجسام الآخرى بغرض وحدة قوى الثورة من أجل إسقاط الانقلاب.

وكان الحزب الشيوعي السوداني أصدر بيانا  في 14نوفمبر 2022م أشار فيه إلى أنه لبي دعوة كريمة من الشيخ محمد حاج حمد الجعلي شيخ السجادة القادرية بكدباس وتم اجتماع بين وفد الحزب الشيوعي المكون من مركز الحزب ومنطقة عطبرة ، الدامر، بربر، الباوقة بهدف توضيح دور الحزب حول ما يدور في الساحة السياسية والموقف من انقلاب 25 أكتوبر 2021، وطرح الحلول بهدف الوصول لرؤية لاتفاق مشترك بالإضافة لطرح بعض القضايا الخاصة بالمنطقة وولاية نهر النيل، وكان الحزب الشيوعي قد رفض دعوة الشيخ الجعلي من قبل في شهر سبتمبر الماضي.

وفي هذا السياق، قال الناشط السياسي أحمد عثمان إن الحزب الشيوعي يعيش حالة من التخبط في مواقف وغياب الرؤية التي تؤكدها فكرته حول التغيير الجذري الذي يتحدث عنه حاليا، دون أي إجابة على سؤال كيف يتم ذلك؟ وكذلك دعوته لإسقاط الحكومة الانتقالية وكأنه لا يعرف البديل لها.

وتابع إن موقف الحزب الشيوعي كان أحد أسباب استمرار الانقلاب حتى اللحظة بسبب تعنته في المواقف  ورفضه الدائم للعمل المشترك مع الأحزاب السياسية الأخرى.

وأضاف أعتقد إن الحزب الشيوعي الآن قام بخطوة في الطريق الصحيح وأنها جاءت متأخرة ، رغم أن بيانهم لم يقدم التنازل الكافي ولا يحقق الأرضية المشتركة.

ومن جهته، قال الناشط السياسي ياسين صلاح الدين لـ”استقصائي”  منذ فترة طويلة هناك تخبط في توجهات الحزب الشيوعي السياسية، فعلى الرغم من أن هذا الحزب هو من ابتدع آلية العمل التكتيكية في السودان والتي تقوم على أنه للوصول للغاية السياسية المنشودة يمكن القيام بعدد من التكتيكات السياسية،  إلا أنه للأسف ومنذ تولي الأستاذ الخطيب قيادة الحزب الشيوعي يتجه الحزب يوما بعد الآخر إلى مزيد من التخبط في المواقف حتى وصلت قمتها في تأكيدهم على أنهم يعملون من أجل إسقاط حكومة الثورة في الفترة الانتقالية، الأمر الذي ساهم في خاتمة المطاف إلى حدوث الانقلاب الذي تعاني منه البلاد الآن. إضافة إلى رفض الحزب الشيوعي التنسيق والعمل المشترك مع بقية القوى الوطنية من أجل تكوين الجبهة المدنية الموحدة ظانا منه أن الساحة الآن مهيأة له للاستفراد بصياغة المشهد السياسي واستبعاد كل القوى الأخرى، وهو أيضا سوء بالغ في التقدير، لم تجن منه الساحة السياسية إلا إطالة في أمد الانقلاب، أيضا عندما أراد الحزب الشيوعي تكوين تحالف سياسي تحت مسمى التغيير الجذري لم يستطع تكوين تحالف حقيقي وحتى الأجسام التي أعلن أنها جزء من هذا التحالف سرعان ما أعلنت عدم صحة هذه المعلومة.

وقال صلاح الدين على الرغم من كل ما ذكرته فإن خطوة الشيوعي في الذهاب لمنطقة كدباس والنقاش حول مبادرة الشيخ الجعلي الرامية لتوحيد قوى الثورة هي خطوة إيجابية قياسا بالموقف السياسي السابق للحزب الشيوعي ونتمنى أن يكون لها ما بعدها في قيام جبهة مدنية موحدة وأن يعي الشيوعي الدرس بضرورة العمل مع بقية القوى الأخرى.

وحسب البيان توصل الاجتماع إلى الاتفاق حول بناء جبهة عريضة من قوى الثورة الحية على أساس  البرنامج لإسقاط انقلاب 25 أكتوبر 2021، خروج المكون العسكري من العملية السياسية خروجاً نهائياً وشاملاً،  أيلولة كل الشركات التابعة للأجهزة النظامية لولاية وزارة المالية، حكومة الفترة الانتقالية مدنية بالكامل ( سلطة تنفيذية – سلطة تشريعية – سلطة قضائية)، المحاسبة الجنائية والعدالة الانتقالية لكل الجرائم التي ارتكبت منذ انقلاب 30 يونيو 1989 وبعد 11 ابريل 2019 وبعد انقلاب 25 أكتوبر 2021 وحتى الآن والالتزام بمبدأ عدم الإفلات من العقاب، و تفكيك وتصفية نظام الإنقاذ وكل مؤسساته وإلغاء كل القرارات التي صدرت بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021 وعدم العودة للوثيقة الدستورية أغسطس 2019 ، مع دعم لجنة التفكيك بكل الاحتياجات اللوجستية والمالية والقضائية وغيرها وإعادة بناء اقتصاد وطني مستقل ومختلط يعمل على توفير حياة كريمة لجماهير الشعب السوداني وتنمية متوازنة على ضوء البرنامج الإسعافي والمؤتمر الاقتصادي الأول وإضافة إرساء قواعد سياسة خارجية متوازنة تحقق السيادة الوطنية بعيدا عن سياسة المحاور وتصب في مصلحة الشعب السوداني ووضع الترتيبات الأمنية للقوات النظامية وفق الترتيبات المتعارف عليها وحل المليشيات ونزع سلاحها.

وكذلك  بناء أسس السلام العادل الشامل بمخاطبة جذور الحرب الأهلية والأزمة الوطنية العامة ووقف الحرب والعمل على عودة النازحين واللاجئين إلى قراهم الأصلية آمنين من الخوف والجوع وتمكنهم من الإنتاج .

بما أن اتفاقية جوبا لسلام السودان ثنائية ومنقوصة ولم تخاطب جذور الأزمة ولم توقف الحرب بل فأقمت من النزاعات المسلحة فلابد من فتح هذا الملف ومخاطبة جذور الحرب الأهلية وإشراك كل الحركات المسلحة وأيضا عقد المؤتمر الدستوري القومي بعد تهيئة المناخ اللازم والذي لا يستثني أحداً لمناقشة القضايا المصيرية والتحديات التي تواجه السودان ووضع دستور دائم للسودان، عمل إعلان دستوري لاستيعاب هذا البرنامج وكيفية تنفيذه، الفترة الانتقالية تكون كافية لإنجاز مهام هذا البرنامج ولا يتجاوز فترة  (4) سنوات.

وقال المحلل السياسي أحمد عابدين  إن الحزب الشيوعي السوداني لديه سهم كبير في تغيير” ١١ أبريل ٢٠١٩ م” وربما ما حدث كان جنيناً من رحمه تلقفته أيدي الخالات فنما متنازعا عليه بيت بيت، وأضاف لذا حاول الحزب باكراً نفض يده من التربية وعمل على إضعاف حلفائه في الحرية والتغيير.

وقال عابدين إن الشيوعي حول جزءا كبيرا من لجان المقاومة لغصة في حلق أصدقاء الأمس وأخيراً أنتج فكرة التغيير الجذري .

فالشيوعي، بحسب عابدين، يصف كل مخالفيه بأصحاب الهبوط الناعم فظل يسعى في كل الدروب ومنها لقاء أمس مع القادرية الذي يعد بمثابة انقلاب على الكل وتأليب على أي تسوية قادمة.

وتراه في البيان حشر بنود رؤية التغيير الجذري وهي رؤية تصادم أي تسوية لا تبعد الجيش عن السلطة والمعني بها هنا تفاهمات الحرية التغيير مع المؤسسة العسكرية.

وأضاف يحاول الحزب الشيوعي  رسم دوائر واسعة من التحالفات ليس لإجهاض التسوية وإنما لإعادة الحرية والتغيير لحضنه أو إضعافها وإضعاف فعلها السياسي وعلاقتها بالشارع وكل قطاعات المجتمع بمختلف توجهاتها.

وقال في هذا البيان نقاط مهمة يجمع عليها السودانيون كالمؤتمر الجامع وسيادة البلاد وإبعاد العسكر من السياسة والحقوق المحلية للمجتمعات ولكن أيضا فإن تحقق هذا يحتاج لفعل خارق لن يتوفر ويندرج في المستحيلات بالإضافة لإجماع معظم الأوزان السياسية على نشازمطالب الشيوعي وأنها رؤى حالمة ومصادمة في بيئة تحتاج لمرونة وتخليق مشتركات فالأزمة في السودان معقدة لدرجة تجعل تفككه الآن أسرع من أي وقت مضى.

وتابع إنها معركة يخوضها الشيوعي ضد كل التيارات وفي كافة الجبهات وهي مهمة شاقة ويصعب هضمها للكثيرين لذا ستظل حبرا على ورق.

إدريس عبد الله