معلومات التواصل

السودان،الخرطوم،الرياض

متواجدون على مدار الساعة

 

 

 

 

انقسمت ردود الفعل على تحذيرات قائد الجيش المتكررة للسياسيين بالابتعاد عن المؤسسة العسكرية، إلى ثلاثة أقسام، ففي حين يرى عسكريون قدامى وخبراء أن الجيش مازال قوميا رغم محاولات تسييسه، ذهب آخرون إلى أن  “الإنقاذ” ذبحت قومية الجيش ذبحا، إلا أن الفريق الثالث يرى أن المؤسسة تحتاج إلى إصلاحات إلا أنها ليست ملحة، ويمكن إرجاؤها إلى الانتخابات.

قطع الفريق محمد بشير سليمان بأن القوات المسلحة السودانية عصية على محاولات تجيير خدماتها لآيديولوجيا محددة، أو حزب معين، مشيرا إلى أن التربية التي يتلقاها منسوبو الجيش السوداني كفيلة بالمحافظة على قوميته مهما حاولت أحزاب وساسة التأثير عليه.

جيش آيديولوجي

وأضاف أن الإنقاذ شكلت جيشا آيديولوجيا هو قوات الدفاع الشعبي، بينما ظل الجيش السوداني قوميا.

وردا على تخوفات ساسة ومتابعين من أن يكون الجيش قد تأثر بآيديولوجيا الإسلام السياسي خلال عهد “الإنقاذ”، التي حرصت على تطبيق شروط محددة من بينها الولاء لتنظيم “الجبهة الإسلامية” للالتحاق بالكلية الحربية خاصة في سنواتها العشر الأولى، قلل الفريق سليمان لـ(استقصائي) من هذا الأثر، مشيرا إلى أن الجيش يستمد عادة عقيدته من عقيدة وتوجه وآيديولوجيا الدولة.

ضرورات أخلاقية

وطبقا لسليمان، الذي قال إن الإنقاذ أجرت تغييرات على بعض جلالات الجيش لضرورات قيمية وأخلاقية أكثر من كونها تنظيمية، فإن الجيش يحمي الدستور الذي يتضمن توجه الدولة، بمعنى أنه يميل إلى الجهة التي تختارها الدولة.

ونفى سليمان وهو ضابط عظيم، وخبير أمني وعسكري، حاجة الجيش السوداني إلى إصلاحات عاجلة، لكنه قال إن أنسب جو يمكن أن تجري فيه إصلاحات على القوات المسلحة هو الجو الديمقراطي، بعيدا عن التجاذبات والصراعات السياسية.

واعتبر الفريق أن الإنقاذ ليست دولة دينية بقدر ما هي أمنية، كانت تعلي من الشأن الأمني على حساب الجيش، وأنها استحدثت هيئة للعمليات بجهاز الأمن لحمايتها رغم وجود الجيش.

ذبح “القومية”

في الوقت الذي قالت فيه الأستاذة رباح الصادق المهدي نائب رئيس تحرير صحيفة الديمقراطي لـ(استقصائي) إن “الإنقاذ” ذبحت قومية الجيش، وأن الجبهة الإسلامية كانت شرسة في معاداة الجميع باعتبارها أن كل من ليس جبهة إسلامية رجس من عمل الشيطان.

هذه الشيطنة، بحسب رباح، انسحبت على كل مفاصل الدولة المدنية والعسكرية، ومن مقتضاها تصفية كل وجود غير جبهجي داخل الخدمة العامة مدنية كانت أم عسكرية، وقطعا ترك ذلك أثرا داخل الجيش.

تحذيرات متكررة

وكان القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان جدد الأحد، تحذيره لـ”القوى السياسية” من “محاولات التدخل في الجيش بأي حال من الأحوال”، مشيراً إلى أن الجيش “فضّ الشراكة مع الحرية والتغيير العام الماضي بعد تدّخل التحالف في شؤون القوات المسلحة”.

وقال البرهان في كلمة خلال تفقده قيادة القوات الخاصة بمنطقة المرخيات غرب مدينة أم درمان، إن الجيش السوداني سيمضي إلى ما يحقق استقرار ووحدة السودان، مشدداً على أن قومية القوات المسلحة هي “القومية السودانية”، وأكد أن ولاءها “لن يتغير”.

وأضاف: “لا حزب كان مشاركاً في العهد الماضي سيعود إلى الحياة السياسية مرة أخرى. البلد في حالة جمود منذ 3 سنوات بسبب أن كل قوة سياسية تتمسك بموقفها”.

الجيش لن يحني ظهره لأحد

وتابع البرهان : “حذّرنا الناس، وحذرنا (التيار الإسلامي) من التدخل في الجيش، وأقول لهم امشوا بعيداً. لا طريقة لكم لتركبوا على ظهر الجيش لكي تصلوا إلى الحكم. هذا الجيش لن يحني ظهره لأحد كي يمتطيه”.

وقال رئيس مجلس السيادة السوداني: “أي شخص يقف ضد القوات المسلحة هو عدونا، نحن لن نسمح لأحد بالاقتراب من الجيش. أي أحد يحاول سنقطع له يده ولسانه”.

وأضاف: من يحاول التدخل في الجيش سواءً كانوا “إسلاميين أو شيوعيين فهو عدو لنا”.

التحذير المتكرر من تدخل “الساسة” في شؤون الجيش، يدعو للتساؤل: هل يعبِّر الجيش حاليا عن كل ألوان الطيف السوداني؟ أم إنه فئة محددة هي الأقرب للغته وخطابه؟

يرى وزير الإعلام الأسبق ومستشار رئيس الوزراء السابق الأستاذ فيصل محمد صالح أن هناك تشابها في لغة الجيش وخطاب النظام البائد.

وخلال حوار أجراه معه (استقصائي)، دعا فيصل القوى الثورية إلى التريث في الحكم على تحذيرات البرهان للإسلاميين، مشيرا إلى أن الأفعال على الأرض، حتى الآن، لا تسند حديث الجنرال.

وفي حين ينادي المتظاهرون الذي نظموا مئات المواكب منذ 25 أكتوبر 2021 بابتعاد الجيش عن السياسة، تأتي تحذيرات البرهان من حظر “السياسة” داخل الجيش متفقة مع مطالب الشارع إلى حد ما، غير أن ناشطين وساسة يرون أن الجيش في حاجة إلى إصلاحات ملحة، فيما يرى آخرون أن الحديث عن هيكلة الجيش يمكن إرجاؤه وتأجيله إلى الانتخابات.

  تقرير: عمار سليمان

 

 

Share:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *